وقيل هنا :﴿ التي كنتم بها تكذبون ﴾، وفي السجدة :﴿ الذي كنتم به تكذبون ﴾ كل منهما، أي من العذاب ومن النار، لأنهم هنا لم يكونوا ملتبسين بالعذاب، بل ذلك أول مارأوا النار، إذ جاء عقيب الحشر، فوصفت لهم النار بأنها هي التي كنتم تكذبون بها.
وأما الذي في السجدة، فهم ملابسو العذاب، متردّدون فيه لقوله :﴿ كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها ﴾ فوصف لهم العذاب الذي هم مباشروه، وهو العذاب المؤبد الذي أنكروه.
والإشارة بقوله : ما ﴿ ما هذا إلا رجل ﴾، إلى تالي الآيات، المفهوم من قوله :﴿ وإذا تتلى عليه ﴾، وهو رسول الله ( ﷺ ).
وحكي تعالى مطاعنهم عند تلاوة القرآن عليهم، فبدأوا أولاً : بالطعن في التالي، فإنه يقدح في معبودات آلهتكم.
ثانياً فيما جاء به الرسول من القرآن، بأنه كذب مختلق من عنده، وليس من عند الله.
وثالثاً : بأن ما جاء به سحر واضح لما اشتمل على ما يوجب الاستمالة وتأثير النفوس له وإجابته.
وطعنوا في الرسول، وفيما جاء به، وفي وصفه، واحتمل أن يكون ذلك صدر من مجموعهم، واحتمل أن تكون كل جملة منها قالها قوم غير من قال الجملة الأخرى.
وفي قوله :﴿ لما جاءهم ﴾ دليل على أنه حين جاءهم لم يفكروا فيه، بل بادروه بالإنكار ونسبته إلى السحر، ولم يكتفوا بقولهم، إنه سحر حتى وصفوه بأنه واضح لمن يتأمله.
وقيل : إنكار القرآن والمعجزة كان متفقاً عليه من المشركين وأهل الكتاب، فقال تعالى :﴿ وقال الذين كفروا للحق ﴾، على وجه العموم. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٧ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon