وقال أبو السعود :
﴿ وَإِذَا تتلى عَلَيْهِمْ ءاياتنا بَيّنَاتٍ ﴾
بيان لبعضٍ آخرَ من كفرانِهم أي إذا تُتلى عليهم بلسانِ الرَّسولِ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ آياتُنا النَّاطقةُ بحقِّيةِ التَّوحيدِ وبُطلان الشِّركِ ﴿ قَالُواْ مَا هذا ﴾ يعنون رسولَ الله ﷺ ﴿ وَإِذَا تتلى عَلَيْهِمْ ءاياتنا بَيّنَاتٍ قَالُواْ مَا هذا إِلاَّ ﴾ فيستتبعكم بما يستدعيِه من غيرِ أنْ يكونَ هناك دينٌ إلهيٌّ، وإضافة الآباءِ إلى المخاطَبين لا إلى أنفسِهم لتحريكِ عرقِ العصبيةِ منهم مبالغةً في تقريرِهم على الشِّركِ وتنفيرِهم عن التَّوحيد ﴿ وَقَالُواْ مَا هذا ﴾ يعنون القرآنَ الكريمَ ﴿ إِلاَّ إِفْكٌ ﴾ أي كلام مصروفٌ عن وجهه لا مصداق له في الواقع ﴿ مُّفْتَرًى ﴾ بإسنادِه إلى الله تعالى ﴿ وَقَالَ الذين كَفَرُواْ لِلْحَقّ ﴾ أي لأمرِ النبوَّةِ أو الإسلامِ أو القرآن على أنَّ العطفَ لاختلافِ العُنوان بأنْ يُراد بالأولِ معناهُ وبالثَّاني نظمَه المعجزَ ﴿ لَمَّا جَاءهُمْ ﴾ من غيرِ تدبُّرٍ ولا تأمُّلٍ فيه ﴿ إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ ﴾ ظاهرٌ سحريّتُه وفي تكرير الفعلِ والتَّصريحِ بذكر الكفرةِ وما في الَّلامينِ من الإشارةِ إلى القائلينَ والمقولِ فيهِ وما في لمّا من المسارعةِ إلى البتِّ بهذا القولِ الباطلِ إنكارٌ عظيمٌ له وتعجيبٌ بليغٌ منه.
﴿ وَمَا ءاتيناهم مّنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا ﴾ فيها دليلٌ على صحَّةِ الإشراكِ كما في قولِه تعالى :﴿ أَمْ أَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ سلطانا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُواْ بِهِ يُشْرِكُونَ ﴾ وقولِه تعالى :﴿ أَمْ ءاتيناهم كتابا مّن قَبْلِهِ فَهُم بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ ﴾ وقُرىء يدرسُونها ويدَّرسونها بتشديدِ الدَّالِ يفتعلون من الدَّرسِ.


الصفحة التالية
Icon