﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مّن نَّذِيرٍ ﴾ أي وما أرسلنا إليهم قبلك نذيراً يدعوهم إلى الشرك وينذرهم بالعقاب على تركه وقد بان من قبل أن لا وجه له بوجه من الوجوه فمن أين ذهبوا هذا المذهب الزائغ، وفيه من التهكم والتجهيل ما لا يخفى، ويجوز أن يراد أنهم أميون كانوا في فترة لا عذر لهم في الشرك ولا في عدم الاستجابة لك كأهل الكتاب الذين لهم كتب ودين يأبون تركه ويحتجون على عدم المتابعة بأن نبيهم حذرهم ترك دينهم مع أنه بين البطلان لثبوت أمر من قبله باتباعه وتبشير الكتب به، وذكر ابن عطية أن الأرض لم تخل من داع إلى توحيد الله تعالى فالمراد نفي إرسال نذير يختص بهؤلاء ويشافههم، وقد كان عند العرب كثير من نذارة إسماعيل عليه السلام والله تعالى يقول :﴿ إِنَّهُ كَانَ صادق الوعد وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً ﴾ [ مريم : ٥٤ ] ولكن لم يتجرد للنذارة وقاتل عليها إلا محمد ﷺ اه، ثم إنه تعالى هددهم بقوله سبحانه :
﴿ وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبلِهِمْ ﴾ من الأمم المتقدمة والقرون الخالية بما كذبوا ﴿ وَمَا بَلَغُواْ ﴾ أي أهل مكة ﴿ مِعْشَارَ ﴾ أي عشر ﴿ مَا ءاتيناهم ﴾ وقال : قوم المعشار عشر العشر ولم يرتضه ابن عطية، وقال الماوردي : المراد المبالغة في التقليل أي ما بلغوا أقل قليل مما آتينا أولئك المكذبين من طول الأعمال وقوة الأجسام وكثرة الأموال ﴿ فَكَذَّبُواْ ﴾ أي أولئك المكذبون ﴿ رُسُلِى ﴾ الذين أرسلتهم إليهم ﴿ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ ﴾ أي إنكاري لهم بالتدمير فليحذر هؤلاء من مثل ذلك.


الصفحة التالية
Icon