" فوائد لغوية وإعرابية "
قال السمين :
لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (١٥)
قوله :﴿ مَسْكَنِهِمْ ﴾ : قرأ حمزةٌ وحفصٌ " مَسْكَنِهم " بفتح الكاف مفرداً، والكسائيُّ كذلك، إلاَّ أنه كسرَ الكافَ، والباقون " مَساكِنِهم " جمعاً. فأمَّا الإِفرادُ فلِعَدَمِ اللَّبْسِ ؛ لأن المرادَ الجمعُ، كقولِه :

٣٧٣٥ كُلوا في بَعْضِ بَطْنِكُمُ تَعِفُّوا ..............................
والفتحُ هو القياسُ ؛ لأنَّ الفعلَ متى ضُمَّتْ عينُ مضارِعه أو فُتِحَتْ جاء المَفْعَلُ منه زماناً ومكاناً ومصدراً بالفتحِ، والكسرُ مَسْموعٌ على غيرِ قياس. وقال أبو الحسن :" كسرُ الكافِ لغةٌ فاشيةٌ، وهي لغةُ الناسِ اليومَ، والكسرُ لغةُ الحجازِ ". وهي قليلةٌ. وقال الفراء :" هي لغةٌ يمانِيَّةٌ فصيحة ". و " مَسْكَنِهِمْ " يُحْتمل أَنْ يرادَ به المكانُ، وأَنْ يُرادَ به المصدرُ أي : السُّكْنى. ورجَّحَ بعضُهم الثاني قال : لأنَّ المصدرَ يشملُ الكلَّ فليس فيه وَضْعُ مفردٍ مَوْضِعَ جمع بخلافِ الأول ؛ فإنَّ فيه وَضْعَ المفرد مَوْضِعَ الجمعِ كما قَرَّرْتُه، لكنَّ سيبويه يَأْباه إلاَّ ضرورةً كقولِه :
٣٧٣٦............................. قد عضَّ أعناقَهم جِلْدُ الجَواميسِ
أي جلود. وأمَّا الجمعُ فهو الظاهرُ ؛ لأنَّ لكلِّ واحدٍ مَسْكناً. ورُسِمَ في المصاحفِ دونَ ألفٍ بعد الكافِ : فلذلك احتَمَلَ القراءاتِ المذكورةَ.


الصفحة التالية
Icon