قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ (٢٢)
قوله :﴿ الذين زَعَمْتُمْ ﴾ : مفعولُه الأولُ محذوفٌ هو عائدُ الموصولِ، والثاني أيضاً محذوفٌ، قامَتْ صفتُه مَقامَه. أي : زَعَمْتموهم شركاءَ مِنْ دونِ الله. ولا جائزٌ أَنْ يكونَ " مِنْ دون " هو المفعولَ الثاني ؛ إذ لا يَنْعَقِدُ منه مع ما قبلَه كلامٌ. لو قلتَ :" هم من دونِ الله " أي : مِنْ غيرِ نيةِ موصوفٍ لم يَجُزْ. ولولا قيامُ الوصفِ مَقامَه أيضاً لم يُحْذَفْ ؛ لأنَّ حَذْفَه اختصاراً قليلٌ. على أنَّ بعضَهم مَنَعَه.
وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (٢٣)
قوله :﴿ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ﴾ : فيه أوجهٌ، أحدُها : أَنَّ اللامَ متعلقةٌ بنفسِ الشفاعة. قال أبو البقاء :" كما تقول : شَفَعْتُ له ". الثاني : أَنْ يتعلَّقَ ب " تَنْفَعُ "، قاله أبو البقاء. وفيه نظرٌ : وهو أنه يَلْزَمُ أحدُ أمرَيْن : إمَّا زيادةُ اللامِ في المفعولِ في غيرِ مَوْضِعها، وإمَّا حَذْفُ مفعولِ " تنفع " وكلاهما خلافُ الأصلِ. الثالث : أنه استثناءٌ مفرَّغٌ مِنْ مفعولِ الشفاعة المقدرِ أي : لا تنفع الشفاعةُ لأحدٍ إلاَّ لمَنْ أَذِنَ له.