ثم المستثنى منه المقدرُ يجوزُ أن يكون هو المشفوعَ له، وهو الظاهرُ، والشافعُ ليس مذكوراً إنما دَلَّ عليه الفَحْوى. والتقدير : لا تنفُع الشفاعةُ لأحدٍ من المشفوع لهم إلاَّ لمَنْ أَذن تعالى للشافعين أَنْ يَشْفعوا فيه. ويجوز أَنْ يكونَ هو الشافِعَ، والمشفوعُ له ليس مذكوراً تقديرُه : لا تنفعُ الشفاعةُ إلاَّ لشافعٍ أُذِن له أَنْ يَشْفَعَ. وعلى هذا فاللامُ في " له " لامُ التبليغِ لا لامُ العلةِ. الرابع : أنه استثناءٌ مفرَّغٌ أيضاً، لكنْ من الأحوال العامة. تقديرُه : لا تنفعُ الشفاعةُ إلاَّ كائنةً لمَنْ أَذِن له. وقرَّرَه الزمخشري فقال :" تقول :" الشفاعة لزيدٍ " على معنى : أنه الشافعُ كما تقول : الكَرْمُ لزيدٍ، وعلى معنى أنه المشفوعُ له كما تقول : القيامُ لزيدٍ فاحتمل قولُه :﴿ وَلاَ تَنفَعُ الشفاعة عِندَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ﴾ أَنْ يكونَ على أحدِ هذين الوجهين أي : لا تنفعُ الشفاعةُ إلاَّ كائنةً لمَنْ أَذِن له من الشافعين ومطلقةً له، أو لا تنفع الشفاعة إلاَّ كائنةً لمَنْ أَذِن له أي : لشفيعِه، أو هي اللامُ الثانية في قولك :" أُذِنَ لزيدٍ لعمروٍ " أي : لأجله فكأنه قيل : إلاَّ لمَنْ وقع الإِذنُ للشفيعِ لأجلِه. وهذا وجهٌ لطيفٌ وهو الوجه ". انتهى.
فقولُه :" الكَرْم لزيدٍ " يعني : أنَّها ليسَتْ لامَ العلة بل لامُ الاختصاصِ. وقوله :" القيامُ لزيد " يعني أنها لام العلة كما هي في " القيام لزيد ". وقوله :" أُذن لزيدٍ لعمروٍ " يعني : أنَّ الأولى للتبليغ، والثانيةَ لامُ العلَّةِ.


الصفحة التالية
Icon