ورَدَّ عليه الشيخُ بنحوِ ما تقدَّم فقال :" لا يجوزُ : ما زيدٌ بالذي يَخْرُج إلاَّ أخوه، وما زيدٌ بالذي يَضْرب إلاَّ عَمْراً ". والجوابُ عنه ما تقدم، وأيضاً فالزمخشريُّ لم يجعَلْه بدلاً بل استثناءً صريحاً، ولا يُشْتَرَطُ في الاستثناء التفريغُ اللفظيُّ بل الإِسنادُ المعنويُّ، ألا ترى أنك تقول :" قام القومُ إلاَّ زيداً " ولو فَرَّغْتَه لفظاً لامتنع ؛ لأنه مُثْبَتٌ. وهذا الذي ذكره الزمخشريُّ هو الوجهُ الثالثُ في المسألة.
الرابع : أنَّ " مَنْ آمَنَ " في محلِّ رفع على الابتداء. والخبرُ قولُه :﴿ فأولئك لَهُمْ جَزَآءُ الضعف ﴾. وقال الفراء :" هو في موضعٍ رفعٍ تقديرُه : ما هو المقرَّب إلاَّ مَنْ آمن " وهذا لا طائلَ تحته. وعَجِبْتُ من الفَرَّاءِ كيف يقوله؟
وقرأ العامَّةُ :" جزاءُ الضِّعْفِ " مضافاً على أنه مصدرٌ مضافٌ لمفعولِه، أي : أَنْ يُجازِيَهم الضِّعْفَ. وقَدَّره الزمخشريُّ مبنيَّاً للمفعول أي : يُجْزَوْن الضِّعْفَ. ورَدَّه الشيخ : بأنَّ الصحيحَ مَنْعُه. وقرأ قتادة برفعِهما على إبدالِ الضِّعْف مِنْ " جزاء ". وعنه أيضاً وعن يعقوبَ بنصبِ " جزاءً " على الحال. والعاملُ فيها الاستقرار، وهذه كقولِه :﴿ فَلَهُ جَزَآءً الحسنى ﴾ [ الكهف : ٨٨ ] فيمَنْ قرأ بنصبِ " جزاء " في الكهف.


الصفحة التالية
Icon