قوله :" في الغُرُفاتِ " قرأ حمزةُ " الغُرْفَة " بالتوحيد على إرادةِ الجنس ولعدمِ اللَّبْسِ ؛ لأنه مَعْلومٌ أنَّ لكلِّ أحدٍ غرفةً تَخُصُّه. وقد أُجْمِعَ على التوحيدِ في قوله :﴿ يُجْزَوْنَ الغرفة ﴾ [ الفرقان : ٧٥ ] ولأنَّ لفظَ الواحدِ أخفُّ فوُضِعَ مَوْضِعَ الجمعِ مع أَمْنِ اللَّبْسِ. والباقون " الغُرُفات " جمعَ سَلامة. وقد أُجْمِعَ على الجمع في قوله :﴿ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِّنَ الجنة غُرَفَاً ﴾ [ العنكبوت : ٥٨ ] والرسمُ مُحْتَمِلٌ للقراءَتَيْن. وقرأ الحسن بضمِّ راء " غُرُفات " على الإِتباع. وبعضُهم يَفْتحها. وقد تقدَّم تحقيقُ ذلك أول البقرة. وقرأ ابنُ وثَّاب " الغُرُفَة " بضمِّ الراء والتوحيد.
قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (٣٩)
قوله :﴿ وَمَآ أَنفَقْتُمْ ﴾ : يجوزُ أَنْ تكونَ/ " ما " موصولةً في محلِّ رَفْعٍ بالابتداء. والخبرُ قولُه :" فهو يُخْلِفُه " ودخلتِ الفاءُ لشَبَهِه بالشرطِ. و " مِنْ شَيْءٍ " بيانٌ، كذا قيلَ. وفيه نظرٌ لإِبهامِ " شيء " فأيُّ تبيينٍ فيه؟ الثاني : أَنْ تكونَ شرطيةً فتكونَ في محلِّ نصبٍ مفعولاً مقدَّماً، و " فهو يُخْلِفُه " جوابُ الشرطِ.
قوله :" الرازِقين " إنما جُمِع من حيث الصورةُ ؛ لأنَّ الإِنسانَ يرزقُ عيالَه مِنْ رزقِ اللَّهِ، والرازقُ في الحقيقة للكلِّ إنما هو الله تعالى.
وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ (٤٠)
قوله :﴿ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ ﴾ : قد تقدَّم أنه يُقْرأ بالنونِ والياءِ في الأنعام.