وقرأ حفص عن عاصم بياء الغائب فيهما، والضمير عائد إلى ﴿ ربي ﴾ من قوله :﴿ قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له ﴾ [ سبأ : ٣٩ ].
فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (٤٢)
﴿ بِهِم مُّؤْمِنُونَ * فاليوم لاَ يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَّفْعاً وَلاَ ضَرّاً وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذُوقُواْ ﴾.
الأظهر أن هذا من خطاب الله تعالى المشركين والجنَّ.
والفاء فصيحة ناشئة عن المقاولة السابقة.
وهي كلام موجه من جانب الله تعالى إلى الملائكة والمقصود به : التعريض بضلال الذين عبدوا الملائكة والجن لأن الملائكة يعلمون مضمون هذا الخبر فلا نقصد إفادتهم به.
والمعنى : إذ علمتم أنكم عبدتم الجن فاليوم لا يملك بعضكم لبعض نفعاً ولا ضراً.
ويجوز أن يكون من خطاب الملائكة للفريقين بعد أداء الشهادة عليهم توبيخاً لهم وإظهاراً للغضب عليهم تحقيقاً للتبرؤ منهم، والفاء أيضاً فصيحة وهي ظاهرة.
وقُدم الظرف على عامله لأن النفع والضر يومئذٍ قد اختص صغيرهما وكبيرهما بالله تعالى خلاف ما كان في الدنيا من نفع الجن عُبَّادهم ببعض المنافع الدنيوية ونفع المشركين الجن بخدمة وساوسهم وتنفيذ أغراضهم من الفتنة والإِضلال، وكذلك الضر في الدنيا أيضاً.
والمِلك هنا بمعنى : القدرة، أي لا يقدر بعضكم على نصر أو نفع بعض.
وتقدم عند قوله تعالى :﴿ قل فمَن يملك من اللَّه شيئاً إن أراد أن يهلك المسيحَ ابن مريم ﴾ في سورة العقود ( ١٧ ).
وقدم النفع في حَيز النفي تأييساً لهم لأنهم كانوا يرجون أن يشفعوا لهم يومئذٍ و ﴿ يقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله ﴾ [ يونس : ١٨ ].
وعطف نفي الضر على نفع النفع للدلالة على سلب مقدرتهم على أي شيء فإن بعض الكائنات يستطيع أن يضر ولا يستطيع أن ينفع كالعقرب.