وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَإِذَا تتلى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ ﴾ يعني القرآن.
﴿ قَالُواْ مَا هذا إِلاَّ رَجُلٌ ﴾ يعنون محمداً صلى الله عليه وسلم.
﴿ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُكُمْ ﴾ أي أسلافكم من الآلهة التي كانوا يعبدونها.
﴿ وَقَالُواْ مَا هاذآ إِلاَّ إِفْكٌ مُّفْتَرًى ﴾ يعنون القرآن ؛ أي ما هو إلا كذب مختلَق.
﴿ وَقَالَ الذين كَفَرُواْ لِلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ إِنْ هاذآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ ﴾ فتارةً قالوا سحر، وتارةً قالوا إفك.
ويحتمل أن يكون منهم من قال سحر ومنهم من قال إفك.
قوله تعالى :﴿ وَمَآ آتَيْنَاهُمْ مِّنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا ﴾ أي لم يقرؤوا في كتاب أوتُوه بطلانَ ما جئتَ به، ولا سمعوه من رسول بُعث إليهم، كما قال :﴿ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَاباً مِّن قَبْلِهِ فَهُم بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ ﴾ [ الزخرف : ٢١ ] فليس لتكذيبهم وجه يتشبّث به ولا شبهة متعلق كما يقول أهل الكتاب وإن كانوا مبطلين : نحن أهل كتاب وشرائع ومستندون إلى رسل من رسل الله، ثم توعّدهم على تكذيبهم بقوله الحق :﴿ وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبلِهِمْ ﴾ أي كذب قبلهم أقوام كانوا أشدّ من هؤلاء بطشاً وأكثرَ أموالاً وأولاداً وأوسع عيشاً، فأهلكتهم كثمود وعاد.
﴿ وَمَا بَلَغُواْ ﴾ أي ما بلغ أهل مكة ﴿ مِعْشَارَ مَآ آتَيْنَاهُمْ ﴾ تلك الأمم.
والمعشار والعُشر سواء، لغتان.
وقيل : المعشار عشر العشر.
الجوهري : ومعشار الشيء عشره، ولا يقولون هذا في شيء سوى العشر.
وقيل : ما بلغ الذين من قبلهم معشار شكر ما أعطيناهم ؛ حكاه النقاش.
وقيل : ما أعطى الله تعالى من قبلهم معشار ما أعطاهم من العلم والبيان والحجة والبرهان.
قال ابن عباس : فليس أمة أعلمَ من أمته، ولا كتاب أبين من كتابه.
وقيل : المعشار هو عشر العشير، والعشير هو عشر العشر فيكون جزءاً من ألف جزء.