وإما أن يكونوا مقرين بها حقيقة، أو على سبيل الفرض، فيقولون : كما أنعم علينا في الدنيا، ينعم علينا في الآخرة على حالة الدنيا قياساً فاسداً، فأبطل الله ذلك بأن الرزق فضل منه يقسم علينا في الآخرة على حالة الدنيا، كما شاء.
﴿ لمن يشاء ﴾، فقد يوسع على العاصي ويضيق على الطائع، وقد يوسع عليهما، والوجود شاهد بذلك، فلا تقاس التوسعة في الدنيا، لأن ذلك في الآخرة إنما هو على الأعمال الصالحة.
وقرأ الأعمش : ويقدر في الموضعين مشدداً ؛ والجمهور : مخففاً، ومعناه : ويضيق مقابل يبسط.
﴿ ولكن أكثر الناس ﴾ : مثل هؤلاء الكفرة، ﴿ لا يعلمون ﴾ أن الرزق مصروف بالمشيئة، وليس دليلاً على الرضا ثم أخبر تعالى أن أموالهم وأولادهم التي افتخروا بها ليست بمقربة من الله، وإنما يقرب الإيمان والعمل الصالح.
وقرأ الجمهور :﴿ بالتي ﴾، وجمع التكسير من العقلاء وغيرهم يجوز أن يعامل معاملة الواحدة المؤنثة.
وقال الزمخشري : ويجوز أن يكون التي هي التقوى، وهي المقربة عند الله زلفى وحدها، أي ليست أموالكم تلك الموضوعة للتقريب. انتهى.
فجعل التي نعتاً لموصوف محذوف وهي التقوى.
انتهى، ولا حاجة إلى تقدير هذا الموصوف.
والظاهر أن التي راجع إلى الأموال والأولاد، وقاله الفراء.
وقال أيضاً، هو والزجاج : حذف من الأول لدلالة الثاني عليه، والتقدير :﴿ وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى ﴾. انتهى.
ولا حاجة لتقدير هذا المحذوف، إذ يصح أن يكون التي لمجموع الأموال والأولاد.
وقرأ الحسن : باللاتي جمعاً، وهو أيضاً راجع للأموال والأولاد.
وقرى بالذي، وزلفى مصدر، كالقربى، وانتصابه على المصدرية من المعنى، أي يقربكم.
وقرأ الضحاك : زلفاً بفتح اللام وتنوين الفاء، جمع زلفة، وهي القربة.
﴿ إلا من آمن ﴾ : الظاهر أنه استثناء منقطع، وهو منصوب على الاستثناء، أي لكن من آمن ؛ ﴿ وعمل صالحاً ﴾، فإيمانه وعمله يقربانه.