قوله :﴿فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً﴾ كرّر، وقال فى الفتح :﴿وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً﴾ وقال فى سبحان ﴿وَلاَ تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً﴾ التبديل تغيير الشئ عمّا كان عليه قبلُ مع بقاءِ مادّة الأَصل ؛ كقوله تعالى :﴿بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا﴾، وكذلك ﴿تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ﴾ ؛ والتحويل : نقل الشىء من مكان إِلى مكان آخر، وسنة الله لا تبديل ولا تحوّل، فخص هذا الموضع بالجمع بين الوصفين لمّا وصف الكفار بوصفين، وذكر لهم عَرَضين، وهو قوله، ﴿وَلاَ يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِلاَّ مَقْتاً وَلاَ يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلاَّ خَسَاراً﴾ وقوله :﴿اسْتِكْبَاراً فِي الأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّىءِ﴾ وقيل : هما بدلان من قوله :﴿نُفُوراً﴾ فكما ثنَّى الأَوّل والثَّانى ثَنَّى
الثالث ؛ ليكون الكلام كلُّه على غِرار واحد.
وقال فى الفتح ﴿وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً﴾ فاقتصر على مرّة واحدة لمّا لم يكن (التكرار موجَبًا) وخصّ سورة سبحان بقوله :﴿تَحْوِيلاً﴾ لأَنَّ قريشًا قالوا لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم :"لو كنت نبيًّا لذهبت إِلى الشأم ؛ فإِنَّها أَرض المبعث والمحشر، فهَمّ النبى صلى الله عليه وسلَّم بالذهاب إِليها، فهيّأَ أَسباب الرّحيل والتحويل، فنزل جبرائيل عليه السّلام بهذه الآيات، وهى :﴿وَإِن كَادُواْ لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأَرْضِ لِيُخْرِجوكَ مِنْهَا﴾ وخَتَم الآيات بقوله ﴿تَحْوِيلاً﴾ تطبيقا للمعنى. أ هـ ﴿بصائر ذوى التمييز حـ ١ صـ ٣٨٧ ـ ٣٨٩﴾


الصفحة التالية
Icon