وفي هذه الآية إشارة إلى أن ما يأتي به من الخلق أبدع مما هو موجود الآن وهو كذلك لأن القادر المبدع لا يعجزه شيء ولا يرد على هذا قول حجة الإسلام (ليس في الإمكان أبدع مما كان) لان ذلك على فرض وقوعه داخل في حيز ما كان وهو مع هذا العالم كبعض أجزاء هذا العالم مع بعض أو بأن الأبدعية في كلام ذلك الحجة بمعنى آخر تصورة بفكره الثاقب ولم يبيّنه أو لم نقف عليه ولسنا من رجاله لنرد عليه، وسيأتي توضيح أكثر لتفسير هذه الآية عند تفسير نظيرتها الآية ٢٧ من سورة إبراهيم في ج ٢.
مطلب لا تزر وازرة وزر أخرى :
قال تعالى "وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى " أي لا تحمل كل نفس إلّا وزرها وقد مر تفسيرها في الآية ٣٨ من سورة والنجم المارة، وهاتان الآيتان لا يتنافيان مع الآية ٨٨ من سورة النمل والآية ١٤ من سورة العنكبوت في ج ٢ وهي (لَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ) لأن هذه في الظالمين المضلين لانهم يحملون إثمهم وإثم من يضلونهم "وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ" بالأوزار في ذلك اليوم الذي يفر فيه الأخ من أخيه والأب من ابنه والزوجة من زوجها "إِلى حِمْلِها" الذي أثقلها ليحملوا منه شيئا يخففون به عنها مما جنته من الذنوب في الدنيا "لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْ ءٌ" إذ لم يجبها أحد ممن تستنجد به وتستغيث، لان كلا مشغول برزره حائر في أمره "وَلَوْ كانَ" من تدعوه أو ترجوه "ذا قُرْبى " منه، فإنه لا يجيب دعاءه ولا يحمل عنه شيئا.
قال ابن عباس يعلق الأب والأم بالابن فيقول (كل منها) يا بني احمل عني بعض ذنوبي، فيقول لا أستطيع حسبي ما عليّ.