ولما ذكر حالهم ذكر حال المؤمن وبشره بإرسال الملائكة إليهم مبشرين، وأنه يفتح لهم أبواب الرحمة.
وقرأ الحسن : جاعل بالرفع، أي هو جاعل ؛ وعبد الوارث عن أبي عمرو : وجاعل رفعاً بغير تنوين، الملائكة نصباً، حذف التنوين لالتقاء الساكنين.
وقرأ ابن يعمر، وخليد بن نشيط : جعل فعلاً ماضياً، الملائكة نصباً، وذلك بعد قراءته فاطر بألف، والجر كقراءة من قرأ :﴿ فالق الإصباح وجعل الليل سكناً ﴾ وقرأ الحسن، وحميد بن قيس : رسلاً بإسكان السين، وهي لغة تميم.
وقال الزمخشري : وقرىء الذي فطر السموات والأرض وجعل الملائكة.
فمن قرأ : فطر وجعل، فينبغي أن تكون هذه الجمل إخباراً من العبد إلى ما أسداه إلينا من النعم، كما تقول : الفضل لزيد أحسن إلينا بكذا خولنا كذا، يكون ذلك جهة بيان لفعله الجميل، كذلك يكون في قوله : فطر، جعل، لأن في ذلك نعماً لا تحصى.
ومن قرأ : وجاعل، فالأظهر أنهما اسما فاعل بمعنى المضي، فيكونان صفة لله، ويجيء الخلاف في نصب رسلاً.
فمذهب السيرافي أنه منصوب باسم الفاعل، وإن كان ماضياً لما لم يمكن إضافته إلى اسمين نصب الثاني.
ومذهب أبي علي أنه منصوب بإضمار فعل، والترجيح بين المذهبين مذكور في النحو.
وأما من نصب الملائكة فيتخرج على مذهب الكسائي وهشام في جواز إعمال الماضي النصب، ويكون إذ ذاك إعرابه بدلاً.
وقيل : هو مستقبل تقديره : يجعل الملائكة رسلاً، ويكون أيضاً إعرابه بدلاً.
ومعنى رسلاً بالوحي وغيره من أوامره، ولا يريد جميع الملائكة لأنهم ليسوا كلهم رسلاً.
فمن الرسل : جبريل، وميكائيل، وإسرافيل، وعزرائيل، والملائكة المتعاقبون، والملائكة المسددون حكام العدل وغيرهم، كالملك الذي أرسله الله إلى الأعمى والأبرص والاقرع.
و﴿ أجنحة ﴾ جمع جناح، صيغة جمع القلة، وقياس جمع الكثرة فيه جنح على وزن فعل، فإن كان لم يسمع كان أجنحة مستعملاً في القليل والكثير.


الصفحة التالية
Icon