وتقدم الكلام على مثنى وثلاث ورباع في أول النساء مشبعاً، ولكن المفسرون تعرضوا لكلام فيه هنا، فقال الزمخشري : مثنى وثلاث ورباع صفات الأجنحة، وإنما لم تنصرف لتكرار العدل فيها، وذلك أنها عدلت عن ألفاظ الإعداد من صيغ إلى صيغ أخر، كما عدل عمر عن عامر، وحذام عن حاذمة، وعن تكرير إلى غير تكرير.
وأما بالوصفية، فلا تقترن الحال فيها بين المعدولة والمعدول عنها.
ألا تراك تقول بنسوة أربع وبرجال ثلاثة فلا يعرج عليها؟ انتهى.
فجعل المانع للصرف هو تكرار العدل فيها، والمشهور أنها امتنعت من الصرف للصفة والعدل.
وأما قوله : ألا تراك، فإنه قاس الصفة في هذا المعدول على الصفة في أفعل وفي ثلاثة، وليس بصحيح، لأن مطلق الصفة لم يعدوه علة، بل اشترطوا فيه.
فليس الشرط موجوداً في أربع، لأن شرطه أن لا يقبل تاء التأنيث.
وليس شرطه في ثلاثة موجوداً، لأنه لم يجعل علة مع التأنيث.
فقياس الزمخشري قياس فاسد، إذ غفل عن شرط كون الصفة علة.
وقال ابن عطية : عدلت عن حال التنكير، فتعرفت بالعدل، فهي لا تنصرف للعدل والتعريف، وقيل : للعدل والصفة. انتهى.
وهذا الثاني هو المشهور، والأول قول لبعض الكوفيين.
والظاهر أن الملك الواحد من صنف له جناحان، وآخر ثلاثة، وآخر أربعة، وآخر أكثر من ذلك، لما روي أن لجبريل ستمائة جناح، منها اثنان يبلغ بهما المشرق إلى المغرب.
قال قتادة : وأخذ الزمخشري يتكلم على كيفية هذه الأجنحة، وعلى صورة الثلاثة بما لا يجدي قائلاً : يطالع ذلك في كتابه.
وقالت فرقة : المعنى أن في كل جانب من الملك جناحان، ولبعضهم ثلاثة، ولبعضهم أربعة، وإلا فلو كانت ثلاثة لواحد، لما اعتدلت في معتاد ما رأينا نحن من الأجنحة.
وقيل : بل هي ثلاثة لواحد، كما يوجد لبعض الحيوانات.
والظاهر أن المراد من الأجنحة ما وضعت له في اللغة.