وَاعْتُرِضَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ بِأَنَّ مُشْرِكِي الْعَرَبِ مَا سَعَوْا فِي خَرَابِ الْكَعْبَةِ، بَلْ كَانُوا عَمَرُوهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانُوا يُعَظِّمُونَهَا وَيَرَوْنَهَا مَنَاطَ عِزِّهِمْ وَمَحِلَّ شَرَفِهِمْ وَفَخْرِهِمْ.
وَقَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ : يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ الْآيَةُ فِي الْأَمْرَيْنِ عَلَى التَّوْزِيعِ، فَالَّذِينَ مَنَعُوا مَسَاجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ هُمْ مُشْرِكُو مَكَّةَ، وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي خَرَابِهَا هُمْ مُشْرِكُو الرُّومَانِيِّينَ.
وَيَكُونُ قَرْنُ مَا عَمِلَ الْمُشْرِكُونَ مِنْ مَنْعِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهِ اسْمُ اللهِ بِزِيَارَةِ النَّبِيِّ وَأَصْحَابِهِ بِمَا عَمِلَ مَنْ قَبْلَهُمْ مِنْ مُشْرِكِي الرُّومَانِيِّينَ مِنَ التَّخْرِيبِ مِنْ قَبِيلِ الْإِشَارَةِ إِلَى تَسَاوِي الْفِعْلَيْنِ فِي الْقَبِيحِ.
(الثَّالِثُ) : أَنَّ الْكَلَامَ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ، وَأَنَّ الْآيَةَ لَيْسَتْ مُنْبِئَةً بِأَمْرٍ وَقَعَ،
وَلَكِنْ بِأَمْرٍ سَيَقَعُ، وَهُوَ مَا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ إِغَارَةِ الصَّلِيبِيِّينَ عَلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَغَيْرِهِ مِنْ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ وَصَدِّهِمْ إِيَّاهُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى، وَتَخْرِيبِهِمْ كَثِيرًا مِنَ الْمَسَاجِدِ.