" فصل جامع فى الآية الكريمة "
قوله تعالى " ولا تسأل عن أصحاب الجحيم "
أقوال العلماء فى الآية الكريمة
قال السمعاني :[ ولا تسأل ] قرئ بقراءتين " ولا تُسألُ - ولا نَنسْأَلْ "
قوله تعالى ﴿إِنَّآ أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بشيرا ونذيرا...﴾
فأما قوله " ولا تَسألْ " يعني أرسلناك غير مسئول عن حال الكفار، وذلك مثل قوله " فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب " [ الرعد : ٤ ( ] وقرأ ابن مسعود وما تسأل، وقرأ أبي بن كعب " ولن تسأل " ومعنى الكل واحد.
وأما قوله " ولا تسأل " له معنيان :
أحدهما أنه على معنى قولهم : لا تسأل عن شر فلان فإنه فوق ما تحب، وقيل : هو على النهى، وسببه ما روى محمد بن كعب القرظي : أن رسول الله ﷺ قال : ليت شعري ما فعل أبواي، فنزل قوله تعالى :" ولا تسأل عن أصحاب الجحيم (١). أ هـ ﴿ تفسير السمعاني حـ ١ صـ ١٣٢﴾
وقد ذكر هذه الرواية أيضا الماوردى فى النكت والعيون حـ ١ صـ ١٨١ ولم يعلق عليها.
وقال الواحدي (١) :" ولا تسأل عن أصحاب الجحيم " أي لست بمسؤول عنهم، وذلك أن النبي ﷺ - قال لو أن الله عز وجل : أنزل بأسه باليهود لآمنوا (٢) فأنزل الله تعالى هذه الآية أي ليس عليك من شأنهم عهدة ولا تبعة. أ هـ ﴿ تفسير الواحدي حـ ١ صـ ١٢٩﴾
وقال الثعالبي في قوله تعالى :" ولا تسأل " [ بالجزم ] ما نصه :
وتحتمل هذه القراءة معنى آخر وهو - والله أعلم - أظهر، أي لا تسأل عنهم سؤال مكترث بما أصابهم، أو بما هم عليه من الكفر الذي يوردهم الجحيم نظير قوله عز وجل " فلا تذهب نفسك عليهم حسرات " [ فاطر : ٨ ] وأما روى عن محمد بن كعب القرظي ومن وافقه من أن النبي ﷺ - سأل ما فعل أبواي ؟ فنزلت الآية في ذلك فهو بعيد، ولا يتصل أيضاً بمعنى ما قبله. أ هـ ﴿ تفسير الثعالبي حـ ١ صـ ١ ـ ٣﴾
(٢) - لا يخفى ما في هذه الرواية من البعد، ولو تمنى ذلك النبي ﷺ لليهود لتمناه لقومه من باب أولى في مرحلة مكة، وقد كان يحزن ويتألم كثيراً لعدم إيمان القوم وما طلب ذلك أبداً، ثم هذا الكلام قد يتعارض ولو من وجه مع قوله تعالى :" لا إكراه في الدين " والله أعلم بالصواب.