قال القاضي أبو محمد : وهذا تمسك بقوله تعالى :﴿ واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزاً ﴾ [ مريم : ٨١ ] والمعنى الثاني ﴿ من كان يريد العزة ﴾ وطريقها القويم ويحب نيلها على وجهها ﴿ فلله العزة ﴾ أي به وعن أوامره لا تنال عزته إلا بطاعته، ونحا إليه قتادة. والمعنى الثالث وقاله الفراء ﴿ من كان يريد ﴾ علم ﴿ العزة فلله العزة ﴾ أي هو المتصف بها، و﴿ جميعاً ﴾ حال، وقوله تعالى :﴿ إليه يصعد الكلم الطيب ﴾ أي التوحيد والتمجيد وذكر الله ونحوه، وقرأ الضحاك " إليه يُصعد " بضم الياء، وقرأ جمهور الناس " الكلم " وهو جمع كلمة، وقرأ أبو عبد الرحمن " الكلام "، و﴿ الطيب ﴾ الذي يستحسن سماعه الاستحسان الشرعي، وقال كعب الأحبار : إن لسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر لدوياً حول العرش كدوي النحل تذكر بصاحبها، وقوله تعالى :﴿ والعمل الصالح يرفعه ﴾ اختلف الناس في الضمير في ﴿ يرفعه ﴾ على من يعود، فقالت فرقة يعود على ﴿ العمل ﴾، واختلفت هذه الفرقة فقال قوم الفاعل ب " يرفع " هو ﴿ الكلم ﴾ أي والعمل يرفعه الكلم وهو قول لا إله إلا الله لأنه لا يرتفع عمل إلا بتوحيد، وقال بعضهم الفعل مسند إلى الله تعالى أي " والعمل الصالح يرفعه هو ".
قال القاضي أبو محمد : وهذا أرجح الأقوال، وقال ابن عباس وشهر بن حوشب ومجاهد وقتادة الضمير في ﴿ يرفعه ﴾ عائد على ﴿ الكلم ﴾ أي أن العمل الصالح هو يرفع الكلم.
قال القاضي أبو محمد : واختلفت عبارات أهل هذه المقالة فقال بعضها وروي عن ابن عباس أن العبد إذا ذكر الله وقال كلاماً طيباً وأدى فرائضه ارتفع قوله مع عمله، وإذا قال ولم يؤد فرائضه رد قوله على عمله، وقيل عمله أولى به.


الصفحة التالية