في قوله :﴿الحميد﴾ لما زاد في الخبر الأول وهو قوله :﴿أَنتُمُ الفقراء﴾ زيادة وهو قوله :﴿إِلَى الله﴾ إشارة لوجوب حصر العبادة في عبادته زاد في وصفه بالغني زيادة وهو كونه حميداً إشارة إلى كونكم فقراء وفي مقابلته الله غني وفقركم إليه في مقابلة نعمه عليكم لكونه حميداً واجب الشكر، فلستم أنتم فقراء والله مثلكم في الفقر بل هو غني على الإطلاق ولستم أنتم لما افتقرتم إليه ترككم غير مقضي الحاجات بل قضى في الدنيا حوائجكم، وإن آمنتم يقضي في الآخرة حوائجكم فهو حميد.
إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (١٦)
بياناً لغناه وفيه بلاغة كاملة وبيانها أنه تعالى قال :﴿إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ﴾ أي ليس إذهابكم موقوفاً إلا على مشيئته بخلاف الشيء المحتاج إليه، فإن المحتاج لا يقول فيه إن يشأ فلان هدم داره وأعدم عقاره، وإنما يقول لولا حاجة السكنى إلى الدار لبعتها أو لولا الافتقار إلى العقار لتركتها، ثم إنه تعالى زاد بيان الاستغناء بقوله :﴿وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ يعني إن كان يتوهم متوهم أن هذا الملك له كمال وعظمة فلو أذهبه لزال ملكه وعظمته فهو قادر بأن يخلق خلقاً جديداً أحسن من هذا وأجمل وأتم وأكمل.
وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ (١٧)