أي الإذهاب والإتيان وههنا مسألة : وهي أن لفظ العزيز استعمله الله تعالى تارة في القائم بنفسه حيث قال في حق نفسه :﴿وَكَانَ الله قَوِيّاً عَزِيزاً﴾ [ الأحزاب : ٢٥ ] وقال في هذه السورة :﴿إِنَّ الله عَزِيزٌ غَفُورٌ﴾ [ فاطر : ٢٨ ] واستعمله في القائم بغيره حيث قال :﴿وَمَا ذلك عَلَى الله بِعَزِيزٍ﴾ وقال :﴿عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ﴾ [ التوبة : ١٢٨ ] فهل هما بمعنى واحد أم بمعنيين ؟ فنقول العزيز هو الغالب في اللغة يقال من عزيز أي من غلب سلب، فالله عزيز أي غالب والفعل إذا كان لا يطيقه شخص يقال هو مغلوب بالنسبة إلى ذلك الفعل فقوله :﴿وَمَا ذلك عَلَى الله بِعَزِيزٍ﴾ أي لا يغلب الله ذلك الفعل بل هو هين على الله وقوله :﴿عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ﴾ أي يحزنه ويؤذيه كالشغل الغالب.
وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى
وقوله تعالى :﴿وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إلى حِمْلِهَا لاَ يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قربى﴾ متعلق بما قبله، وذلك من حيث إنه تعالى لما بين الحق بالدلائل الظاهرة والبراهين الباهرة ذكر ما يدعوهم إلى النظر فيه فقال :﴿وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى﴾ أي لا تحمل نفس ذنب نفس فالنبي ﷺ لو كان كاذباً في دعائه لكان مذنباً وهو معتقد بأن ذنبه لا تحملونه أنتم فهو يتوقى ويحترز، والله تعالى غير فقير إلى عبادتكم فتفكروا واعلموا أنكم إن ضللتم فلا يحمل أحد عنكم وزركم وليس كما يقول : أكابركم ﴿اتبعوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خطاياكم﴾ [ العنكبوت : ١٢ ] وفي الآية مسائل :
المسألة الأولى :