قوله :﴿وازرة﴾ أي نفس وازرة ولم يقل ولا تزر نفس وزر أخرى ولا جمع بين الموصوف والصفة فلم يقل ولا تزر نفس وازرة وزرة أخرى لفائدة أما الأول : فلأنه لو قال ولا تزر نفس وزر أخرى، لما علم أن كل نفس وازرة مهمومة بهم وزرها متحيرة في أمرها ووجه آخر : وهو أن قول القائل ولا تزر نفس وزر أخرى، قد يجتمع معها أن لا تزر وزراً أصلاً كالمعصوم لا يزر وزر غيره ومع ذلك لا يزر وزراً رأساً فقوله :﴿وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ﴾ بين أنها تزر وزرها ولا تزر وزر الغير وأما ترك ذكر الموصوف فلظهور الصفة ولزومها للموصوف.
ثم قال تعالى :﴿وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ﴾ إشارة إلى أن أحداً لا يحمل عن أحد شيئاً مبتدئاً ولا بعد السؤال، فإن المحتاج قد يصبر وتقضى حاجته من غير سؤاله، فإذا انتهى الافتقار إلى حد الكمال يحوجه إلى السؤال.
المسألة الثانية :
في قوله :﴿مُثْقَلَةٌ﴾ زيادة بيان لما تقدم من حيث إنه قال أولاً :﴿وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى﴾ فيظن أن أحداً لا يحمل عن أحد لكون ذلك الواحد قادراً على حمله، كما أن القوي إذا أخذ بيده رمانة أو سفرجلة لا تحمل عنه، وأما إذا كان الحمل ثقيلاً قد يرحم الحامل فيحمل عنه فقال :﴿مُثْقَلَةٌ﴾ يعني ليس عدم الوزر لعدم كونه محلاً للرحمة بالثقل بل لكون النفس مثقلة ولا يحمل منها شيء.
المسألة الثالثة :


الصفحة التالية
Icon