وعن ابن مسعود : كفى بخشية الله تعالى علماً وبالاغترار جهلاً.
وقيل لسعد بن إبراهيم : مَن أفقه أهل المدينة؟ قال أتقاهم لربه عز وجل.
وعن مجاهد قال : إنما الفقيه من يخاف الله عز وجل.
وعن علي رضي الله عنه قال : إن الفقيه حقَّ الفقيه من لم يُقنط الناس من رحمة الله، ولم يرخص لهم في معاصي الله تعالى، ولم يؤمّنهم من عذاب الله، ولم يدع القرآن رغبة عنه إلى غيره ؛ إنه لا خير في عبادة لا علم فيها، ولا علم لا فقه فيه، ولا قراءة لا تدبر فيها.
وأسند الدارميّ أبو محمد عن مكحول قال : قال رسول الله ﷺ :" إن فضل العالِم على العابد كفضلي على أدناكم ثم تلا هذه الآية ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى الله مِنْ عِبَادِهِ العلماء ﴾.
إن الله وملائكته وأهلَ سمواته وأهل أرضيه والنونَ في البحر يُصلون على الذين يعلّمون الناس الخير " الخبر مرسل.
قال الدارمي : وحدثني أبو النعمان حدثنا حماد بن زيد عن يزيد بن حازم قال حدثني عمي جرير بن زيد أنه سمع تُبَيْعاً يحدّث عن كعب قال : إني لأجد نعت قوم يتعلمون لغير العمل، ويتفقهون لغير العبادة، ويطلبون الدنيا بعمل الآخرة، ويلبسون جلود الضأن، قلوبهم أمرُّ من الصبر ؛ فبي يغترّون، وإياي يخادعون، فبي حلفت لأتيحنَّ لهم فتنة تذر الحليم فيهم حيران.
خرّجه الترمذيّ مرفوعاً من حديث أبي الدرداء وقد كتبناه في مقدّمة الكتاب.
الزمخشريّ : فإن قلت : فما وجه قراءة من قرأ "إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهُ" بالرفع "مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءَ" بالنصب، وهو عمر بن عبد العزيز، وتُحكى عن أبي حنيفة.
قلت : الخشية في هذه القراءة استعارة، والمعنى : إنما يجلّهم ويعظمهم كما يُجَلّ المهيب المخشيُّ من الرجال بين الناس من بين جميع عباده.
﴿ إِنَّ الله عَزِيزٌ غَفُورٌ ﴾ تعليل لوجوب الخشية، لدلالته على عقوبة العصاة وقهرهم، وإثابة أهل الطاعة والعفو عنهم.
والمعاقِب والمثيب حقّه أن يخشى. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ١٤ صـ ﴾