وقال ابن عطية فى الآيات السابقة :
﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا ﴾
الرؤية في قوله ﴿ ألم تر ﴾ رؤية القلب، وكل توقيف في القرآن على رؤية فهي رؤية القلب، لأن الحجة بها تقوم، لكن رؤية القلب لا تتركب البتة إلا على حاسة، فأحياناً تكون الحاسة البصر وقد تكون غيره، وهذا يعرف بحسب الشيء المتكلم فيه، و﴿ إن ﴾ سادت مسد المفعولين الذين للرؤية، هذا مذهب سيبويه لأن ﴿ أن ﴾ جملة مع ما دخلت عليه، ولا يلزم ذلك في قولك رأيت وظننت ذلك، لأن قولك ذلك ليس بجملة كما هي ﴿ أن ﴾ ومذهب الزجاج أن المفعول الثاني محذوف تقديره ﴿ ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء ﴾ حقاً، ورجع من خطاب بذكر الغائب إلى المتكلم بنون العظمة لأنها أهيب في العبارة، وقوله ﴿ ألوانها ﴾ يحتمل أن يريد الحمرة والصفرة والبياض والسواد وغير ذلك، ويؤيد هذا اطراد ذكر هذه الألوان فيما بعد، ويحتمل أن يريد بالألوان الأنواع، والمعتبر فيه على هذا التأويل أكثر عدداً، و﴿ جدد ﴾ جمع جدة، وهي الطريقة تكون من الأرض والجبل كالقطعة العظيمة المتصلة طولاً، ومنه قول امرىء القيس :[ الطويل ]
كأنّ سراته وحدَّة متنه... كنائن يحوي فوقهن دليص


الصفحة التالية
Icon