فيضع قلبه الذي به اعتبار الجسد في غير موضعه فهو ظالم على الإطلاق، وأما قلب المؤمن فمطمئن بالإيمان لا يضعه في غير التفكر في آلاء الله ولا يضع فيه غير محبة الله، وفي المراتب الثلاث أقوال كثيرة : أحدها : الظالم هو الراجح السيئات والمقتصد هو الذي تساوت سيئاته وحسناته والسابق هو الذي ترجحت حسناته ثانيها : الظالم هو الذي ظاهره خير من باطنه، والمقتصد من تساوى ظاهره وباطنه، والسابق من باطنه خير ثالثها : الظالم هو الموحد بلسانه الذي تخالفه جوارحه، والمقتصد هو الموحد الذي يمنع جوراحه من المخالفة بالتكليف، والسابق هو الموحد الذي ينسيه التوحيد عن التوحيد ورابعها : الظالم صاحب الكبيرة، والمقتصد صاحب الصغيرة، والسابق المعصوم خامسها : الظالم التالي للقرآن غير العالم به والعامل بموجبه، والمقتصد التالي العالم، والسابق التالي العالم العامل سادسها : الظالم الجاهل والمقتصد المتعلم والسابق العالم سابعها : الظالم أصحاب المشأمة، والمقتصد أصحاب الميمنة، والسابق السابقون المقربون ثامنها : الظالم الذي يحاسب فيدخل النار، والمقتصد الذي يحاسب فيدخل الجنة، والسابق الذي يدخل الجنة من غير حساب تاسعها : الظالم المصر على المعصية، والمقتصد هو النادم والتائب، والسابق هو المقبول التوبة عاشرها : الظالم الذين أخذ القرآن ولم يعمل به والمقتصد الذي عمل به، والسابق الذي أخذه وعمل به وبين للناس العمل به فعملوا به بقوله فهو كامل ومكمل، والمقتصد كامل والظالم ناقص، والمختار هو أن الظالم من خالف فترك أوامر الله وارتكب مناهيه فإنه واضع للشيء في غير موضعه، والمقتصد هو المجتهد في ترك المخالفة وإن لم يوفق لذلك وندر منه ذنب وصدر عنه إثم فإنه اقتصد واجتهد وقصد الحق والسابق هو الذي لم يخالف بتوفيق الله ويدل عليه قوله تعالى :﴿بِإِذْنِ الله﴾ أي اجتهد ووفق لما اجتهد فيه وفيما اجتهد فهو سابق بالخير يقع في قلبه