فصل


قال الفخر :
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ ﴾
لما كثر الدعاء من النبي ﷺ والإصرار من الكفار وقالوا إن الله لعله يحتاج إلى عبادتنا حتى يأمرنا بها أمراً بالغاً ويهددنا على تركها مبالغاً فقال تعالى :﴿أَنتُمُ الفقراء إِلَى الله والله هُوَ الغني﴾ فلا يأمركم بالعبادة لاحتياجه إليكم وإنما هو لإشفاقه عليكم، وفي الآية مسائل :
المسألة الأولى :
التعريف في الخبر قليل والأكثر أن يكون الخبر نكرة والمبتدأ معرفة وهو معقول وذلك لأن المخبر لا يخبر في الأكثر إلا بأمر لا يكون عند المخبر به علم أو في ظن المتكلم أن السامع لا علم له به، ثم أن يكون معلوماً عند السامع حتى يقول له أيها السامع الأمر الذي تعرفه أنت فيه المعنى الفلاني كقول القائل زيد قائم أو قام أي زيد الذي تعرفه ثبت له قيام لا علم عندك به، فإن كان الخبر معلوماً عند السامع والمبتدأ كذلك ويقع الخبر تنبيهاً لا تفهيماً يحسن تعريف الخبر غاية الحسن، كقول القائل : الله ربنا ومحمد نبينا، حيث عرف كون الله رباً، وكون محمد نبياً، وههنا لما كان كون الناس فقراء أمراً ظاهراً لا يخفى على أحد قال :﴿أَنتُمُ الفقراء ﴾.
المسألة الثانية :
قوله :﴿إلى الله﴾ إعلام بأنه لا افتقار إلا إليه ولا اتكال إلا عليه وهذا يوجب عبادته لكونه مفتقراً إليه وعدم عبادة غيره لعدم الافتقار إلى غيره، ثم قال :﴿والله هُوَ الغني﴾ أي هو مع استغنائه يدعوكم كل الدعاء وأنتم من احتياجكم لا تجيبونه ولا تدعونه فيجيبكم.
المسألة الثالثة :


الصفحة التالية
Icon