هذا ابتداء تذكير بالله تعالى ودلالة على وحدانيته وصفاته التي لا تنبغي الألوهية إلا معها، و" الغيب "، ما غاب عن البشر و﴿ ذات الصدور ﴾ ما فيها من المعتقدات والمعاني ومنه قول أبي بكر : ذو بطن بنت خارجة، ومنه قول العرب : الذيب مغبوط بذي بطنه، أي بالنفخ الذي فيه فمن يراه يظنه شابعاً قريب عهد بأكل، و﴿ خلائف ﴾ جمع خليفة كسفينة وسفائن ومدينة ومدائن، وقوله ﴿ فعليه كفره ﴾ فيه حذف مضاف تقديره " فعليه وبال كفره وضرر كفره "، و" المقت " احتقارك الإنسان من أجل معصيته أو ذنبه الذي يأتيه فإذا احتقرت تعسفاً منك فلا يسمى ذلك مقتاً، و" الخسار " مصدر من خسر يخسر أي خسروا آخرتهم ومعادهم بأن صاروا إلى النار والعذاب، وقوله تعالى :﴿ قل أرأيتم شركاءكم ﴾ الآية احتجاج على الكفار في بطلان أمر أصنامهم، وقفهم النبي ﷺ بأمر ربه على أصنامهم وطلب منهم أن يعرضوا عليه الشيء الذي خلقته آلهتهم لتقوم حجتهم التي يزعمونها، ثم وقفهم مع اتضاح عجزهم عن خلق شيء على السماوات هل لهم فيها شرك وظاهر أيضاً، بعد هذا ثم وقفهم هل عندهم كتاب من الله تعالى ليبين لهم فيه ما قالوه، أي ليس ذلك كله عندهم، ثم أضرب بعد هذا الجحد المقدر فقال : بل إنما يعدون أنفسهم غروراً، و﴿ أرأيتم ﴾ يتنزل عند سيبويه منزلة أخبروني، ولذلك لا تحتاج إلى مفعولين، وأضاف الشركاء إليهم من حيث جعلوهم شركاء لله، أي ليس للأصنام شركة بوجه إلا بقولكم فالواجب أضافتها إليكم، و﴿ تدعون ﴾ معناه تعبدون، والرؤية في قوله ﴿ أروني ﴾ رؤية بصر، و" الشرك " الشركة مصدر أيضاً، وقرأ نافع وابن عامر والكسائي وأبو بكر عن عاصم " بينات " بالجمع، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة والأعمش وابن وثاب ونافع بخلاف عنه " بينة " بالإفراد والمراد به الجمع، ويحتمل أن يراد به الإفراد كما تقول : أنا من هذا الأمر على واضحة أو على جلية، و" الغرور " الذي كانوا