وقوله ﴿وَكُلَّ شيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ﴾ القراء مجتمعون على نصب (كُلّ) لما وقع من الفعل على راجع ذكرها. والرفع وجه جيّد ؛ فد سمِعتُ ذلك من العرب ؛ لأن (كُلّ) بمنزلة النكرة إذا صحبها الجحد ؛ فالعرب تقول: هل أحد ضربته، وفى (كلّ) مِثْل هذا التأويل، ألا ترى أن مَعْنَاه: ما من شىء إلاّ قد أحصينَاه.
﴿ إِذْ أَرْسَلْنَآ إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُواْ إِنَّآ إِلَيْكُمْ مُّرْسَلُونَ ﴾
وقوله: ﴿إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ...﴾
والثالث قد كان أُرسل قبل الاثنين فكُذِّبَ. وقد تراه فى التنزيل كأنه بعدهما. وإنما معنى قوله ﴿فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ﴾: بالثالث الذى قبلهمَا ؛ كقولك: فعزَّزنَا بالأوَّل. والتعزيز يقول: شدّدنا أمرهما بما علَّمهما الأوّل شمعون. وكانُوا أُرسِلُوا إلى أنطاكيَة. وهى فى قراءة عبدالله (فعَزَّزنا بالثالث) لأنه قد ذركر فى المرسلين، وإذا ذُكرت النكرة فى شىءٍ ثم أُعيدت خرجَت معرفةً كقولك للرجل: قد أعطيتك درهمين، فيقُول: فأين الدرهمان؟ وقرأ عاصم (فعَزَزْنا) خفيفة. وهو كقولك: شدّدنا وشدَدنا.
﴿ قَالُواْ إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُواْ لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾
وقوله: ﴿لَنَرْجُمَنَّكُمْ...﴾
يريد: لنقتلنكم. وعامّة ما كان فى القرآن من الرجم فهو قتل، كقوله ﴿وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ﴾.
﴿ قَالُواْ طَائِرُكُم مَّعَكُمْ أَإِن ذُكِّرْتُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ ﴾
وقوله: ﴿طَائِرُكُم مَّعَكُمْ...﴾
القراء مجتمعون على (طائركم) بالألف. والعرب تقول: طيركم معكم.
وقوله: ﴿أَئِِن ذُكِّرْتُم﴾ قراءة العَامَّة بالهمز وكسر أَلف (إنْ).


الصفحة التالية
Icon