(كَمْ) فى موضع نصب من مكانين: أحدهما أَن توقع ﴿يَرَوْا﴾ على ﴿كَمْ﴾ وهى فى قراءة عبدالله (ألم يروا مَن أهلكنا) فهذا وجه. والآخر أن توقع ﴿اهلكنا﴾ على (كم) وتجعله استفهَاماً. كما تقول: علمت كم ضربتَ غلامك. وإذا كان قبل مَن وأىّ وكم رَأيْت وما اشتُقّ منهَا، أو العِلْمُ وما اشتقّ منه وما أشبَه معنَاهمَا، جَازَ أن توقع مَا بعدكم وأىّ ومن وأشباهها عَلَيهَا، كمَا قَالَ الله ﴿لِنَعْلَمَ أَىُّ الحِزْبَيْنِ أحْصَى﴾ ألا ترى أنك قد أبطلت العلم عن وقوعه على أىّ، ورفعت أيّا بأحصى. فكذلك تنصبُها بفعل لو وقع عليهَا.
وقوله ﴿أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ﴾ فُتحت ألفهَا ؛ لأن المعْنَى: أَلم يروا أنهم إليهم لا يرجعون. وقد كسرها الحسن البصرى، كأنه لم يوقع الرؤية عَلَى (كم) فلم يوقعهَا عَلى (أنّ) وإنْ شئت كسرتها على الاسْتِئنَاف وجَعَلت كم مَنصوبَةً بوقوع يروا عليهَا.
﴿ وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴾
وقوله: ﴿وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ...﴾
شدّدها الأعمش وعاصم. وقد خفّفها قوم كثير منهم من قرَّاء أهل المدينة وبلغنى أن عليّاً خفَفها. وهو الوجه ؛ لأنها (ما) أدخلت عَليهَا لام تكون جَوَاباً لإنْ ؛ كأنك: قلت: وإن كلّ لجمع لدينا محضَرونَ. ولم يثقّلها مَن ثقّلها إلاَّ عن صَوَاب. فإن شئت أردت: وإن كل لِمَن ما جميع، ثم حُذفت إحدى الميمَات لكثرتهنَّ ؛ كما قَالَ.
غداة طفَتْ عَلْماءِ بكرُ بن وائل * وعُجْنَا صدورَ الخيل نحوَ تميم