والوجه الآخر من التثقيل أَن يجعَلوا (لَمَّا) بمنزلة (إلاَّ) مع (إنْ) خاصة، فتكون فى مذهبها بمنزلة إنما إذا وضعتْ فى معنى إلاَّ، كأنها لَمْ ضُمّت إليها مَا فصارا جميعاً (استثناء وخرجتا من حدّ الجحد. ونُرى أن قول العرب (إلاَّ) إنما جمعوا بين إن التى تكون جحداً وضمّوا إليها (لا) فصارا جميعاً حرفاً واحداً وخرجا من حد الجحد إذ جمعتا فصارا حرفا واحداً. وكذلك لمّا. ومثل ذلك قوله: ﴿لولا﴾، إنما هى لو ضمت إليها لا فصارتا حرفا واحدا. وكان الكسائى ينفى هذا القول. ويقول: لا أعرف جهة لَمّا فى التشديد فى القراءة.
﴿ لِيَأْكُلُواْ مِن ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلاَ يَشْكُرُونَ ﴾
وقوله: ﴿لِيَأْكُلُواْ مِن ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْ أَيْدِيهِمْ...﴾
وفى قرءاة عبدالله (وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ) وكلّ صَوَاب. والعرب تضمر الهاء فى الذى ومَن وَمَا، وتظهرها. وكلّ ذلكَ صواب ﴿وَمَا عَمِلَتْ﴾ (ما) إن شئت فى موضع خفضٍ: ليأكلوا منْ ثمره وممّا عملت أيديهم. وإن شئت جعلتها جحداً فلم تجعل لها موضعاً. ويكون المعْنى: أنا جَعَلنا لهم الجنات والنخيل والأعناب ولم تعمله أيديهم ﴿أَفَلاَ يَشْكُرُونَ﴾.
﴿ وَآيَةٌ لَّهُمُ الْلَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ ﴾
وقوله: ﴿نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ...﴾
فإن قال قائل: مَا قوله: ﴿نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ﴾؟ فإنما معناه: نسلخ عنه النهار: نرمى بالنهار عنه فتأتى الظلمة. وكذلك النهار يُسلخ منه الليل فيأتى الضوء. وهو عربىّ معروف، ألا ترى قوله: ﴿آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا﴾ أى خرج منها وتركها. وكَذلكَ الليل والنهار.
﴿ وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ﴾
وقوله: ﴿وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا...﴾


الصفحة التالية
Icon