اجتمع القراء عَلى فتح الرَّاء لأن المعنى: فمنها ما يركبون. ويقوّى ذلك أن عَائشة قرأت (فَمِنْها رَكُوبَتُهم) ولو قرأ قارئ: (فمنها رُكوبهم) كما تقول: منها أكلهم وشربهم ورُكوبهم كان وجهاً.
﴿ الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَاراً فَإِذَآ أَنتُم مِّنْه تُوقِدُونَ ﴾
وقوله: ﴿مِّنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ...﴾
ولم يقل: الخُضْر. وقد قال الله ﴿مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ﴾ ولم يقل: أخضر. والرَفْرف ذكر مثل الشجر. والشجر أشدّ اجتمَاعاً وأشبه بالواحِد من الرفرف ؛ ألا ترى اجتمَاعه كاجتمَاع العُشْب والحَصَى والتمر، وأنت تقول: هذا حَصىً أبيض وحَصىً أسود، لأنّ جمعه أكثر فى الكلام مِن انفرادِ واحِده. ومثله الحنطة السمراء، وهى واحدة فى لفظ جمع. ولو قيل حنظة سُمر كان صواباً ولو قيل الشجر الخُضْر كان صوابا كما قيل الحنطنة السمراء وقد قال الآخر:
* بهرجاب ما دام الأراك به خُضْراً *
فقال: خُضْراً ولم يَقل: أخضر. وكلّ صَوَاب. والشجر يؤنَّث ويذكر. قال الله ﴿لآكِلوُنَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ فَمَالِئُونَ مِنْهَا البُطُون﴾ فأنَّث. وقال ﴿وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ﴾ فذكَّر ولم يقل: فيهَا. وقال ﴿فَإِذَآ أَنتُم مِّنْه تُوقِدُونَ﴾ فذكّر. أ هـ ﴿معانى القرآن / للفراء حـ ٢ صـ ٣٧١ ـ ٣٨٢﴾


الصفحة التالية
Icon