من المراد بالعباد ؟ نقول فيه وجوه أحدها : الرسل الثلاثة كأن الكافرين يقولون عند ظهور البأس يا حسرة عليهم يا ليتهم كانوا حاضرين شأننا لنؤمن بهم وثانيها : هم قوم حبيب وثالثها : كل من كفر وأصر واستكبر وعلى الأول فإطلاق العباد على المؤمنين كما في قوله :﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سلطان﴾ [ الحجر : ٤٢ ] وقوله :﴿قُلْ ياعبادي الذين أَسْرَفُواْ﴾ [ الزمر : ٥٣ ] وعلى الثاني فإطلاق العباد على الكفار، وفرق بين العبد مطلقاً وبين المضاف إلى الله تعالى فإن الإضافة إلى الشريف تكسو المضاف شرفاً تقول بيت الله فيكون فيه من الشرف ما لا يكون في قولك البيت، وعلى هذا فقوله تعالى :﴿وَعِبَادُ الرحمن﴾ [ الفرقان : ٦٣ ] من قبيل قوله :﴿إِنَّ عِبَادِي﴾ [ الحجر : ٤٢ ] وكذلك ﴿عِبَادَ الله﴾ [ الصافات : ٧٤ ].
ثم بين الله تعالى سبب الحسرة بقوله تعالى :﴿مَا يَأْتِيهِمْ مّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ﴾ وهذا سبب الندامة وذلك لأن من جاءه ملك من بادية، وأعرفه نفسه، وطلب منه أمراً هيناً فكذبه ولم يجبه إلا ما دعاه، ثم وقف بين يديه وهو على سرير ملكه فعرفه أنه ذلك، يكون عنده من الندامة ما لا مزيد عليه، فكذلك الرسل هم ملوك وأعظم منهم بإعزاز الله إياهم وجعلهم نوابه كما قال :


الصفحة التالية
Icon