﴿إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ الله فاتبعوني يُحْبِبْكُمُ الله﴾ [ آل عمران : ٣١ ] وجاؤا وعرفوا أنفسهم ولم يكن لهم عظمة ظاهرة في الحس، ثم يوم القيامة أو عند ظهور البأس ظهرت عظمتهم عند الله لهم، وكان ما يدعون إليه أمراً هيناً نفعه عائد إليهم من عبادة الله وما كانوا يسألون عليه أجراً، فعند ذلك تكون الندامة الشديدة، وكيف لا وهم يقتنعوا بالإعراض حتى آذوا واستهزأوا واستخفوا واستهانوا وقوله :﴿مَا يَأْتِيهِمْ﴾ الضمير يجوز أن يكون عائداً إلى قوم حبيب، أي ما يأتيهم من رسول من الرسل الثلاثة إلا كانوا به يستهزؤون على قولنا الحسرة عليهم، ويجوز أن يكون عائداً إلى الكفار المصرين.
أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ (٣١)
ثم إن الله تعالى لما بين حال الأولين قال للحاضرين :﴿أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مّنَ القرون﴾ أي الباقون لا يرون ما جرى على من تقدمهم، ويحتمل أن يقال : إن الذين قيل في حقهم :﴿يا حَسْرَةً﴾ [ يس : ٣٠ ] هم الذين قال في حقهم :﴿أَلَمْ يَرَوْاْ﴾ ومعناه أن كل مهلك تقدمه قوم كذبوا وأهلكوا إلى قوم نوح وقبله.


الصفحة التالية
Icon