وقال أبو السعود :
﴿ وَمَا أَنزَلْنَا على قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ ﴾
من بعد قتلِه أو رفعِه ﴿ مِن جُندٍ مّنَ السماء ﴾ لإهلاكِهم والانتقامِ منهم كما فعلناه يومَ بدرٍ والخندقِ كفينا أمرَهم بصيحةِ مَلَكٍ وفيه استحقارٌ لهم ولإهلاكهم وإيماء إلى تفخيمِ شأن الرَّسولِ ﷺ ﴿ وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ ﴾ وما صحَّ في حكمتِنا أنْ ننزلَ لإهلاكِ قومِه جُنداً من السَّماءِ لما أنَّا قَدَّرنا لكلِّ شيءٍ سَبَباً حيثُ أهلكنا بعضَ مَن أهلكنا من الأُمم بالحاصبِ وبعضَهم بالصيحة وبعضَهم بالخسفِ وبعضَهم بالإغراقِ وجعلنا إنزالَ الجندِ من خصائصِك في الانتصارِ من قومك. وقيل : ما موصولةٌ معطوفةٌ على جندٍ أي وما كنَّا مُنزلين على مَن قبلهم من حجارةٍ وريحٍ وأمطارٍ شديدةٍ وغيرِها ﴿ إِن كَانَتْ ﴾ أي ما كانتْ الأخذةُ أو العقوبةُ ﴿ إِلاَّ صَيْحَةً واحدة ﴾ صاحَ بها جبريلُ عليه السَّلامُ. وقُرىء إلاَّ صيحةٌ بالرَّفعِ على أنَّ كانَ تامَّةٌ. وقُرىء إلا زَقيةً واحدةً من زَقَا الطَّائرُ إذا صاحَ ﴿ فَإِذَا هُمْ خامدون ﴾ ميِّتُون شُبِّهوا بالنَّارِ الخامدةِ رَمْزاً إلا أنَّ الحيَّ كالنَّارِ السَّاطعةِ في الحَرَكةِ والالتهابِ والميِّتُ كالرَّمادِ قال لَبيدٌ
وَمَا المرءُ إلاَّ كالشَّهاب وضوئِه... يحورُ رَمَاداً بعدَ إذْ هُو ساطعُ