وقال الطيبي : إن العرب إذا أخبرت عن الشيء غير معتد به أسرعت فيه ولم تأت على اللفظ المعبر عنه نحو قلت لها قفي قالت لنا قاف أي وقفت فانتصرت من جملة الكلمة على حرف منها تهاوناً بالحال وتثاقلاً عن الإجابة، ولا يخفى أن هذا لا يناسب المقام، وينبغي على هذه القراءة أن لا يكون ﴿ عَلَى العباد ﴾ متعلقاً بحسرة أو صفة له إذ لا يحسن الوقف حينئذ بل يجعل متعلقاً بمضمر يدل عليه ﴿ حَسْرَةً ﴾ نحو يتحسر أو أتحسر على العباد، وتقدير انظروا ليس بذاك أو خبر مبتدأ محذوف لبيان المتحسر عليه أي الحسرة على العباد وتخريج قراءة ﴿ يا حسرتا ﴾ بالألف على هذا الطرز بأن يقال : قدر الوقف على المنصوب المنون فإنه يوقف عليه بالألف ﴿ كان الله على كل شيء قديرا ﴾ [ الأحزاب : ٢٧ ] وضرب زيد عمراً ليس بشيء ولو سلم أنه شيء لا ينافي التأييد، وقيل ﴿ يا ﴾ للنداء والمنادي محذوف و﴿ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ﴾ مفعول مطلق لفعل مضمر و﴿ عَلَى العباد ﴾ متعلق بذلك الفعل أي يا هؤلاء تحسروا حسرة على العباد.
ولعل الأوفق للمقام المتبادر إلى الأفهام أن المراد نداء حسرة كل من يتأتى منه التحسر ففيه من المبالغة ما فيه.
وقوله تعالى :﴿ مَا يَأْتِيهِمْ ﴾ الخ استئناف لبيان ما يتحسر منه، و﴿ بِهِ ﴾ متعلق بيستهزؤون.
وقدم عليه للحصر الادعائي وجوز أن يكون لمراعاة الفواصل.