وقال السيرافي : يجوز أن يجعل ﴿ أَنَّهُمْ ﴾ الخ صلة أهلكناهم أي أهلكناهم بأنهم لا يرجعون أي بهذا الضرب من الهلاك، وجوز ابن هشام في المغنى أن يكون أن وصلتها معمول ﴿ يَرَوْاْ ﴾ وجملة ﴿ كَمْ أَهْلَكْنَا ﴾ معترضة بينهما وأن يكون معلقاً عن ﴿ كَمْ أَهْلَكْنَا ﴾ وأنهم إليهم لا يرجعون مفعولاً لأجله، قال الشمني : ليروا والمعنى أنهم علموا لأجل أنهم لا يرجعون اهلاكهم.
ورد بأنه لا فائدة يعتد بها فيما ذكر من المعنى.
وتعقبه الخفاجي بقوله : لا يخفى أن ما ذكر وارد على البدلية أيضاً، والظاهر أن المقصود من ذكره إما التهكم بهم وتحميقهم وإما إفادة ما يفيد تقديم ﴿ إِلَيْهِمُ ﴾ من الحصر أي أنهم لا يرجعون إليهم بل إلينا فيكون ما بعده مؤكداً له اه وهو كما ترى، وقال الجلبي : لعل الحق أن يجعل أول الضميرين لمعنى ﴿ كَمْ ﴾ وثانيهما للرسل وان وصلتها مفعولاً لأجله لأهلكناهم، والمعنى أهلكناهم لاستمرارهم على عدم الرجوع عن عقائدهم الفاسدة إلى الرسل وما دعوهم إليه فاختيار ﴿ لاَ يَرْجِعُونَ ﴾ على لم يرجعوا للدلالة على استمرار النفي مع مراعاة الفاصلة انتهى.
وهو على بعده ركيك معنى، وأرك منه ما قيل الضميران على ما يتبادر فيهما من رجوع الأول لمعنى ﴿ كَمْ ﴾ والثاني لمن نسبت إليه الرؤية وأن وصلتها علة لاهلكنا، والمعنى أنهم لا يرجعون إليهم فيخبروهم بما حل بهم من العذاب وجزاء الاستهزاء حق ينزجر هؤلاء فلذا أهلكناهم، ونقل عن الفراء أنه يعمل ﴿ يَرَوْاْ ﴾ في ﴿ كَمْ أَهْلَكْنَا ﴾ وفي ﴿ أَنَّهُمْ ﴾ الخ من غير إبدال ولم يبين كيفية ذلك.


الصفحة التالية
Icon