هذه مخاطبة لمحمد ﷺ فيها توعد لقريش إذ هذا هو المروع لهم من المثال، أي ينزل بهم من عذاب الله ما نزل بقوم حبيب النجار، فنفى عز وجل، أي أنه ما أنزل على قوم هذا الرجل ﴿ من جند من السماء ﴾، فقال مجاهد : أراد أنه لم يرسل رسولاً ولا استعتبهم، قال ابن مسعود : أراد لم يحتج في تعذيبهم إلى جند من جنود الله تعالى كالحجارة والغرق والريح وغير ذلك بل كانت صيحة واحدة لأنهم كانوا أيسر وأهون من ذلك، قال قتادة : والله ما عاتب الله تعالى قومه بعد قتله حتى أهلكهم، واختلف المتأولون في قوله ﴿ وما كنا منزلين ﴾، فقالت فرقة ﴿ ما كنا منزلين ﴾، ﴿ ما ﴾ نافية وهذا يجري مع التأويل الثاني في قوله، ﴿ ما أنزلنا من جند ﴾، وقالت فرقة ﴿ وما ﴾ عطف على ﴿ جند ﴾ أي من جند ومن الذي كنا منزلين على الأمم مثلهم قبل ذلك، وقرأ الجمهور " إلا صيحةً " بالنصب على خبر " كان "، أي ما كان عذابهم إلا صحية واحدة، وقرأ أبو جعفر ومعاذ بن الحارث " إلا صيحةٌ " بالرفع، وضعفها أبو حاتم، والوجه فيها أنها ليست " كان " التي تطلب الاسم والخبر، وإنما التقدير ما وقعت أو حدثت إلا صحية واحدة، وقرأ ابن مسعود وعبد الرحمن بن الأسود إلا زقية " وهي الصيحة " من الديك ونحوه من الطير، و﴿ خامدون ﴾ ساكنون موتى لاطئون بالأرض شبهوا بالرماد الذي خمدت ناره وطفئت، وقوله ﴿ يا حسرة ﴾ نداء لها على معنى هذا وقت حضورك وظهورك هذا تقدير نداء مثل هذا عند سيبويه، وهو معنى قويم في نفسه، وهو نداء منكور على هذا القراءة، قال الطبري : المعنى " يا حسرة العباد على أنفسهم "، وذكر أنها في بعض القراءات كذلك، وقال ابن عباس :" يا ويلا العباد "، وقرأ ابن عباس والضحاك وعلي بن الحسين ومجاهد وأبي بن كعب " يا حسرةَ العبادِ "، بإضافتها، وقول ابن عباس حسن مع قراءته، وتأويل الطبري في ذلك القراءة الأولى ليس بالبين وإنما يتجه أن يكون المعنى


الصفحة التالية
Icon