تلهفاً على العباد، كأن الحال يقتضيه وطباع كل بشر توجب عند سماعه حالهم وعذابهم على الكفر وتضييعهم أمر الله تعالى أن يشفق ويتحسر على العبادة، وقال أبو العالية : المراد ب ﴿ العباد ﴾ الرسل الثلاثة، فكأن هذا التحسر هو من الكفار حين رأوا عذاب الله تلهفوا على ما فاتهم، وقوله تعالى :﴿ ما يأتيهم ﴾ الآية، يدافع هذا التأويل، والحسرة التلهفات التي تترك صاحبها حسيراً، وقرأ الأعرج بن جندب وأبو الزناد " يا حسرة " بالوقف على الهاء وذلك للحرص على بيان معنى التحسر وتقريره للنفس، والنطق بالهاء في مثل هذا أبلغ في التشفيق وهز النفس كقولهم : أوه ونحوه، وقوله ﴿ ما يأتيهم من رسول ﴾ الآية، تمثيل لفعل قريش ثم عناهم بقوله ﴿ ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون ﴾، و﴿ كم ﴾ هنا خبرية، و﴿ أنهم ﴾ بدل منها، والرؤية رؤية البصر، وفي قراءة ابن مسعود " أو لم يروا من أهلكنا "، وقرأ جمهور القراء " أنهم " بفتح الألف، وقرأ الحسن بن أبي الحسن " إنهم " بكسرها، وقرأ جمهور الناس " لما جميع " بتخفيف الميم وذلك على زيادة " ما " للتأكيد، والمعنى لجميع، وقرأ الحسن وابن جبير عاصم " لمّا " بشد الميم، قالوا هي منزلة منزلة " إلا "، وقيل المراد " لمما " حذفت الميم الواحدة وفيها ضعف، وفي حرف أبيّ و" إن منهم إلا جميع "، و﴿ محضرون ﴾ قال قتادة : محشرون يوم القيامة.
وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (٣٣)


الصفحة التالية
Icon