وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتقوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ ﴾
قال قتادة : يعني "اتقوا مَا بَيْن أَيْدِيكُمْ" أي من الوقائع فيمن كان قبلكم من الأمم، "وَمَا خَلْفَكُمْ" من الآخرة.
ابن عباس وابن جُبير ومجاهد :"مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ" ما مضى من الذنوب، "وَمَا خَلْفَكُمْ" ما يأتي من الذنوب.
الحسن :"مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ" ما مضى من أجَلِكُمْ "وَمَا خَلْفَكُمْ" ما بقي منه.
وقيل :"مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ" من الدنيا، "وَمَا خَلْفَكُمْ" من عذاب الآخرة ؛ قاله سفيان.
وحكى عكس هذا القول الثعلبي عن ابن عباس.
قال :"مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ" من أمر الآخرة وما عملوا لها، "وَمَا خَلْفَكُمْ" من أمر الدنيا فاحذروها ولا تغتروا بها.
وقيل :"مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ" ما ظهر لكم "وَمَا خَلْفَكُمْ" ما خفي عنكم.
والجواب محذوف، والتقدير : إذا قيل لهم ذلك أعرضوا ؛ دليله قوله بعد :﴿ وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ ﴾ فاكتفى بهذا عن ذلك.
قوله تعالى :﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُواْ مِمَّا رِزَقَكُمُ الله ﴾ أي تصدّقوا على الفقراء.
قال الحسن : يعني اليهود أمروا بإطعام الفقراء.
وقيل : هم المشركون قال لهم فقراء أصحاب النبي ﷺ : أعطونا ما زعمتم من أموالكم أنها لله ؛ وذلك قوله :﴿ وَجَعَلُواْ للَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الحرث والأنعام نَصِيباً ﴾ [ الأنعام : ١٣٦ ] فحرموهم وقالوا : لو شاء الله أطعمكم استهزاء فلا نطعمكم حتى ترجعوا إلى ديننا.
قالوا :﴿ أَنُطْعِمُ ﴾ أي أنرزق ﴿ مَن لَّوْ يَشَآءُ الله أَطْعَمَهُ ﴾ كان بلغهم من قول المسلمين : أن الرازق هو الله.
فقالوا هزءا : أنرزق من لو يشاء الله أغناه.


الصفحة التالية
Icon