وعن ابن عباس : كان بمكة زنادقة، فإذا أمروا بالصدقة على المساكين قالوا : لا والله! أيفقره الله ونطعمه نحن.
وكانوا يسمعون المؤمنين يعلقون أفعال الله تعالى بمشيئته فيقولون : لو شاء الله لأغنى فلاناً، ولو شاء الله لأعزَّ، ولو شاء الله لكان كذا.
فأخرجوا هذا الجواب مخرج الاستهزاء بالمؤمنين، وبما كانوا يقولونه من تعليق الأمور بمشيئة الله تعالى.
وقيل : قالوا هذا تعلقاً بقول المؤمنين لهم :﴿ أَنفِقُواْ مِمَّا رزَقَكُمُ الله ﴾ أي فإذا كان الله رزقنا فهو قادر على أن يرزقكم فلم تلتمسون الرزق منا؟.
وكان هذا الاحتجاج باطلاً ؛ لأن الله تعالى إذا ملّك عبداً مالاً ثم أوجب عليه فيه حقّاً فكأنه انتزع ذلك القدر منه، فلا معنى للاعتراض.
وقد صدقوا في قولهم : لو شاء الله أطعمهم ولكن كذبوا في الاحتجاج.
ومثله قوله :﴿ سَيَقُولُ الذين أَشْرَكُواْ لَوْ شَآءَ الله مَآ أَشْرَكْنَا ﴾ [ الأنعام : ١٤٨ ]، وقوله :﴿ قَالُواْ نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ الله والله يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ والله يَشْهَدُ إِنَّ المنافقين لَكَاذِبُونَ ﴾ [ المنافقون : ١ ].
﴿ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ ﴾ قيل : هو من قول الكفار للمؤمنين ؛ أي في سؤال المال وفي اتباعكم محمداً.
قال معناه مقاتل وغيره.
وقيل : هو من قول أصحاب النبي ﷺ لهم.
وقيل : من قول الله تعالى للكفار حين ردّوا بهذا الجواب.
وقيل : إن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كان يطعم مساكين المسلمين فلقيه أبو جهل فقال : يا أبا بكر أتزعم أن الله قادر على إطعام هؤلاء؟ قال : نعم.
قال : فما باله لم يطعمهم؟ قال : ابتلى قوماً بالفقر، وقوماً بالغنى، وأمر الفقراء بالصبر، وأمر الأغنياء بالإعطاء.


الصفحة التالية
Icon