فقال : والله يا أبا بكر ما أنت إلا في ضلال! أتزعم أن الله قادر على إطعام هؤلاء وهو لا يطعمهم ثم تطعمهم أنتا؟ فنزلت هذه الآية، ونزل قوله تعالى :﴿ فَأَمَّا مَنْ أعطى واتقىوصدق بالحسنى ﴾ [ الليل : ٥ ٦ ] الآيات.
وقيل : نزلت الآية في قوم من الزنادقة، وقد كان فيهم أقوام يتزندقون فلا يؤمنون بالصانع، واستهزءوا بالمسلمين بهذا القول ؛ ذكره القشيري والماوردي.
قوله تعالى :﴿ وَيَقُولُونَ متى هَذَا الوعد ﴾ لما قيل لهم :"اتقوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ" قالوا :"مَتَى هَذاَ الْوَعْدُ" وكان هذا استهزاء منهم أيضاً أي لا تحقيق لهذا الوعيد، قال الله تعالى :﴿ مَا يَنظُرُونَ ﴾ أي ما ينتظرون ﴿ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً ﴾ وهي نفخة إسرافيل ﴿ تَأُخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ ﴾ أي يختصمون في أمور دنياهم فيموتون في مكانهم ؛ وهذه نفخة الصَّعْق.
وفي "يَخِصِّمُون" خمس قراءات : قرأ أبو عمرو وابن كثير :"وَهُمْ يَخَصِّمُونَ" بفتح الياء والخاء وتشديد الصاد.
وكذا روى وَرْش عن نافع.
فأما أصحاب القراءات وأصحاب نافع سوى ورش فرووا عنه "يَخْصِّمُونَ" بإسكان الخاء وتشديد الصاد على الجمع بين ساكنين.
وقرأ يحيى بن وثّاب والأعمش وحمزة :"وَهُمْ يَخْصِمُونَ" بإسكان الخاء وتخفيف الصاد من خصمه.
وقرأ عاصم والكسائيّ "وَهُم يَخِصِّمُونَ" بكسر الخاء وتشديد الصاد، ومعناه يخصم بعضهم بعضاً.
وقيل : تأخذهم وهم عند أنفسهم يختصمون في الحجة أنهم لا يبعثون.
وقد روى ابن جبير عن أبي بكر عن عاصم، وحماد عن عاصم كسر الياء والخاء والتشديد.
قال النحاس : القراءة الأولى أبينها، والأصل فيها يختصمون فأدغمت التاء في الصاد فنقلت حركتها إلى الخاء.
وفي حرف أُبَيّ "وَهُمْ يَخْتَصِمُونَ" وإسكان الخاء لا يجوز، لأنه جمع بين ساكنين وليس أحدهما حرف مدٍّ وَلِين.


الصفحة التالية
Icon