ونطعمه نحن وكانوا يسمعون المؤمنين يعلقون الأفعال بمشيئة الله تعالى يقولون لو شاء الله تعالى لأغنى فلاناً ولو شاء لأعزه ولو شاء سبحانه لكان كذا فأخرجوا هذا الجواب مخرج الاستهزاء بالمؤمنين وبما كانوا يقولون.
وقال القشيري أيضاً : إن الآية نزلت في قوم من الزنادقة لا يؤمنون بالصانع وأنكروا وجوده فقولهم لو يشاء الله من باب الاستهزاء بالمسلمين.
وجوز أن يكون مبنياً على اعتقاد المخاطبين ويفهم من هذا أن الزنديق من ينكر الصانع، وقد حقق الأمر فيه على الوجه الأكمل ابن الكمال في رسالة مستقلة فارجع إليها إن أردت ذلك.
وعن الحسن.
وأبي خالد أن الآية نزلت في اليهود أمروا بالإنفاق على الفقراء فقالوا ذلك.
وظاهر ما تقدم يقتضي أنها في كفار مكة أمروا بالإنفاق مما رزقهم الله تعالى وهو عام في الإطعام وغيره فأجابوا بنفي الإطعام الذي لم يزالوا يفتخرون به دلالة على نفس غيره بالطريق الأولى ولذا لم يقل أنفق.
وقيل لم يقل ذلك لأن الإطعام هو المراد من الإنفاق أو لأن ﴿ نُطْعِمُ ﴾ بمعنى نعطي وليس بذاك، و﴿ أَطْعَمَهُ ﴾ جواب ﴿ لَوْ ﴾ وورود الموجب جواباً بغير لام فصيح ومه ﴿ أَن لَّوْ نَشَاء أصبناهم ﴾ [ الأعراف : ١٠٠ ] ﴿ لو نشاء جعلناه اجاجا ﴾ [ الواقعة : ٧٠ ] نعم الأكثر محيئه باللام.
والظاهر أن قوله تعالى :﴿ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِى ضلال مُّبِينٍ ﴾ من تتمة قول الذين كفروا للذين آمنوا أي ما أنتم إلا في ضلال ظاهر حيث طلبتم منا ما يخالف مشيئة الله عز وجل، ولعمري أن الإناء ينضح بما فيه فإن جوابهم يدل على غاية ضلالهم وفرط جهلهم حيث لم يعلموا أنه تعالى يطعم بأسباب منها حث الأغنياء على إطعام الفقراء وتوفيقهم سبحانه له، ويجوز أن يكون جواباً من جهته تعالى زجر به الكفرة وجهلهم به أو حكاية لجواب المؤمنين لهم فيكون على الوجهين استئنافاً بيانياً جواباً لما عسى أن يقال ما قال الله تعالى أو ما قال المؤمنون في جوابهم؟


الصفحة التالية
Icon