ما وجه تعلق :﴿مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا﴾ بقولهم :﴿يا ويلنا﴾ نقول لما بعثوا تذكروا ما كانوا يسمعون من الرسل، فقالوا : يا ولينا من بعثنا أبعثنا الله البعث الموعود به أم كنا نياماً فنبهنا ؟ وهذا كما إذا كان إنسان موعوداً بأن يأتيه عدو لا يطيقه، ثم يرى رجلاً هائلاً يقبل عليه فيرتجف في نفسه ويقول : هذا ذلك أم لا ؟ ويدل على ذكرنا قولهم :﴿مِن مَّرْقَدِنَا﴾ حيث جعلوا القبور موضع الرقاد إشارة إلى أنهم شكوا في أنهم كانوا نياماً فنبهوا أو كانوا موتى وكان الغالب على ظنهم هو البعث فجمعوا بين الأمرين، فقالوا :﴿مَن بَعَثَنَا﴾ إشارة إلى ظنهم أنه بعثهم الموعود به، وقالوا :﴿مِن مَّرْقَدِنَا﴾ إشارة إلى توهمهم احتمال الانتباه.
المسألة الرابعة :
﴿هذا﴾ إشارة إلى ماذا ؟ نقول فيه وجهان أحدهما : أنه إشارة إلى المرقد كأنهم قالوا : من بعثنا من مرقدنا هذا فيكون صفة للمرقد يقال كلامي هذا صدق وثانيهما :﴿هذا﴾ إشارة إلى البعث، أي هذا البعث ما وعد به الرحمن وصدق فيه المرسلون.
المسألة الخامسة :
إذا كان هذا صفة للمرقد فكيف يصح قوله تعالى :﴿مَا وَعَدَ الرحمن وَصَدَقَ المرسلون﴾ ؟ نقول يكون ما وعد به الرحمن، مبتدأ خبره محذوف تقديره ما وعد الرحمن حق، والمرسلون صدقوا، أو يقال ما وعد الرحمن وصدق فيه المرسلون حق، والأول أظهر لقلة الإضمار، أو يقال ما وعد الرحمن خبر مبتدأ محذوف تقديره هو ما وعد الرحمن من البعث ليس تنبيهاً من النوم، وصدق المرسلون فيما أخبروكم به.
المسألة السادسة :