إن قلنا :﴿هذا﴾ إشارة إلى المرقد أو إلى البعث، فجواب الاستفهام بقولهم ﴿مَن بَعَثَنَا﴾ أن يكون ؟ نقول : لما كان غرضهم من قولهم :﴿مَن بَعَثَنَا﴾ حصول العلم بأنه بعث أو تنبيه حصل الجواب بقوله هذا بعث وعد الرحمن به ليس تنبيهاً، كما أن الخائف إذا قال لغيره ماذا تقول أيقتلني فلان ؟ فله أن يقول لا تخف ويسكت، لعلمه أن غرضه إزالة الرعب عنه وبه يحصل الجواب.
إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ (٥٣)
أي ما كانت النفخة إلا صيحة واحدة، يدل على النفخة قوله تعالى :﴿وَنُفِخَ فِي الصور﴾ [ يس : ٥١ ] ويحتمل أن يقال إن كانت الواقعة، وقرئت الصيحة مرفوعة على أن كان هي التامة، بمعنى ما وقعت إلا صيحة، وقال الزمخشري : لو كان كذلك لكان الأحسن أن يقال : إن كان، لأنا لمعنى حينئذٍ ما وقع شيء إلا صيحة، لكن التأنيث جائز إحالة على الظاهر، ويمكن أن يقول الذي قرأ بالرفع أن قوله :﴿إِذَا وَقَعَتِ الواقعة﴾ [ الواقعة : ١ ] تأنيث تهويل ومبالغة، يدل عليه قوله :﴿لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ﴾ [ الواقعة : ٢ ] فإنها للمبالغة فكذلك ههنا قال :﴿إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً﴾ مؤنثة تأنيث تهويل، ولهذا جاءت أسماء يوم الحشر كلها مؤنثة كالقيامة والقارعة والحاقة والطامة والصاخة إلى غيرها، والزمخشري يقول كاذبة بمعنى ليس لوقعتها نفس كاذبة، وتأنيث أسماء الحشر لكون الحشر مسمى بالقيامة، وقوله :﴿مُحْضَرُونَ﴾ دل على أن كونهم ﴿يَنسِلُونَ﴾ [ يس : ٥١ ] إجباري لا اختياري. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٦ صـ ٧٧ ـ ٧٩﴾


الصفحة التالية
Icon