وهي السرير الذي عليه الفرش وهو تحت الحجلات فيكون مرئياً هو وما فوقه وقوله :﴿لَهُمْ فِيهَا فاكهة﴾ إشارة إلى أن لا جوع هناك، وليس الأكل لدفع ألم الجوع، وإنما مأكولهم فاكهة، ولو كان لحماً طرياً، لا يقال قوله تعالى :﴿وَلَحْمِ طَيْرٍ مّمَّا يَشْتَهُونَ﴾ [ الواقعة : ٢١ ] يدل على التغاير وصدق الشهوة وهو الجوع لأنا نقول قوله :﴿مّمَّا يَشْتَهُونَ﴾ يؤكد معنى عدم الألم لأن أكل الشيء قد يكون للتداوي من غير شهوة فقال مما يشتهون لأن لحم الطير في الدنيا يؤكل في حالتين إحداهما : حالة التنعم والثانية : حالة ضعف المعدة وحينئذ لا يأكل لحم طير يشتهيه، وإنما يأكل ما يوافقه ويأمره به الطبيب، وأما أنه يدل على التغاير، فنقول مسلم ذلك لأن الخاص يخالف العام، على أن ذلك لا يقدح في غرضنا، لأنا نقول إنما اختار من أنواع المأكول الفاكهة في هذا الموضع لأنها أدل على التنعم والتلذذ وعدم الجوع والتنكير لبيان الكمال، وقد ذكرناه مراراً وقوله :﴿لَهُمْ فِيهَا فاكهة﴾ ولم يقل يأكلون، إشارة إلى كون زمام الاختيار بيدهم وكونهم مالكين وقادرين وقوله :﴿وَلَهُمْ مَّا يَدَّعُونَ﴾ فيه وجوه : أحدها لهم فيها ما يدعون لأنفسهم أي دعاؤهم مستجاب، وحينئذ يكون هذا افتعالاً بمعنى الفعل كالاحتمال بمعنى الحمل والارتحال بمعنى الرحيل، وعلى هذا فليس معناه أنهم يدعون لأنفسهم دعاء فيستجاب دعاؤهم بعد الطلب بل معناه ولهم ما يدعون لأنفسهم أي ذلك لهم فلا حاجة لهم إلى الدعاء والطلب، كما أن الملك إذا طلب منه مملوكه شيئاً يقول لك ذلك فيفهم منه تارة أن طلبك مجاب وأن هذا أمر هين بأن تعطي ما طلبت، ويفهم تارة منه الرد وبيان أن ذلك لك حاصل فلم تطلبه فقال تعالى : ولهم ما يدعون ويطلبون فلا طلب لهم وتقريره هو أن يكون ما يدعون بمعنى ما يصح أن يطلب ويدعى يعني كل ما يصح أن يطلب فهوحاصل لهم قبل الطلب، أونقول المراد الطلب والإجابة وذلك