هو أكمل الأشياء وهو آخرها الذي لا شيء فوقه ولنبينه في مسائل :
المسألة الأولى :
ما الرافع لقوله ﴿سلام﴾ ؟ نقول يحتمل ذلك وجوهاً أحدها : هو بدل مما يدعون كأنه تعالى لما قال :﴿لَهُمْ مَّا يَدَّعُونَ﴾ [ يس : ٥٧ ] بينه ببدله فقال لهم سلام فيكون في المعنى كالمبتدأ الذي خبره جار ومجرور، كما يقال في الدار رجل ولزيد مال، وإن كان في النحو ليس كذلك بل هو بدل وبدل النكرة من المعرفة جائز فتكون ما بمعنى الذي معرفة وسلام نكرة، ويحتمل على هذا أن يقال ما في قوله تعالى :﴿مَّا يَدَّعُونَ﴾ لا موصوفة ولا موصولة بل هي نكرة تقديره لهم شيء يدعون ثم بين بذكر البدل فقال :﴿سلام﴾ والأول هو الصحيح وثانيها سلام خبر ما ولهم لبيان الجهة تقديره ما يدعون سالم لهم أي خالص والسلام بمعنى السالم الخالص أو السليم يقال عبد السلام أي سليم من العيوب كما يقال لزيد الشرف متوفر والجار والمجرور يكون لبيان من له ذلك والشرف هو المبتدأ ومتوفر خبره وثالثها قوله تعالى :﴿سلام﴾ منقطع عما تقدم وسلام مبتدأ وخبره محذوف تقديره سلام عليهم فيكون ذلك إخباراً من الله تعالى في يومنا هذا كأنه تعالى حكى لنا وقال :﴿إِنَّ أصحاب الجنة اليوم في شُغُلٍ﴾ [ يس : ٥٥ ] ثم لما بين كمال حالهم قال سلام عليهم، وهذا كما في قوله تعالى :﴿سلام على نُوحٍ﴾ [ الصافات : ٧٩ ] ﴿سلام على المرسلين﴾ [ الصافات : ١٨١ ] فيكون الله تعالى أحسن إلى عباده المؤمنين كما أحسن إلى عباده المرسلين وهذا وجه مبتكر جيد ما يدل عليه منقول، أو نقول تقديره سلام عليكم ويكون هذا نوعاً من الالتفات حيث قال لهم كذا وكذا، ثم قال سلام عليكم.
المسألة الثانية :