قال القاضي أبو محمد : وهذا هو القول الصحيح وتعيين شيء دون شيء لا قياس له، ولما كان النعيم نوعاً واحداً هو نعيم وحده فقال ﴿ في شغل ﴾ ولو اختلف لقال في أشغال، وحكى الثعلبي عن طاوس أنه قال : لو علم أهل الجنة عمن شغلوا ما همهم ما شغلوا به، قال الثعلبي : وسئل بعض الحكماء عن قوله عليه السلام " أكثر أهل الجنة البله " فقال : لأنهم شغلوا بالنعيم عن المنعم، وقرأ جمهور الناس " فاكهون " معناه أصحاب فاكهة كما تقول لابن وتامر وشاحم ولاحم، وقرأ أبو رجاء ومجاهد ونافع أيضاً وأبو جعفر " فكهون " ومعناه طربون وفرحون مأخوذ من الفكاهة أي لا همّ لهم، وقرأ طلحة والأعمش وفرقة " فاكهين " جعلت الخبر في الظرف الذي هو قوله ﴿ في شغل ﴾ ونصب " فاكهين " على الحال، وقوله تعالى :﴿ هم ﴾ ابتداء و﴿ أزواجهم ﴾ و﴿ في ظلال ﴾ خبره ويحتمل أن يكون ﴿ هم ﴾ بدلاً من قوله ﴿ فاكهون ﴾ ويكون قوله ﴿ في ظلال ﴾ في موضع الحال كأنه قال مستظلين، وقرأ جمهور القراء " في ظلال " وهو جمع ظل إذ الجنة لا شمس فيها وإنما هواؤها سجسج كوقت الأسفار قبل طلوع الشمس، ويحتمل قوله ﴿ في ظلال ﴾ أن يكون جمع ظلة قال أبو علي كبرمة وبرام وغير ذلك، وقال منذر بن سعيد :﴿ ظلال ﴾ جمع ظلة بكسر الظاء.