أو بيتين لأنا نقول ذلك ليس بشعر لعدم قصده إلى الوزن والقافية، وعلى هذا لو صدر من النبي ﷺ كلام كثير موزون مقفى لا يكون شعراً، لعدم قصده اللفظ قصداً أولياً، ويؤيد ما ذكرنا أنك إذا تتبعت كلام الناس في الأسواق تجد فيه ما يكون موزوناً واقعاً في بحر من بحور الشعر ولا يسمى المتكلم به شاعراً ولا الكلام شعراً لفقد القصد إلى اللفظ أولاً، ثم قوله تعالى :﴿إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْءَانٌ مُّبِينٌ﴾ يحقق ذلك المعنى أي هو ذكر وموعظة للقصد إلى المعنى، والشعر لفظ مزخرف بالقافية والوزن وههنا لطيفة : وهي أن النبي ﷺ قال :" إن من الشعر لحكمة " يعني : قد يقصد الشاعر اللفظ فيوافقه معنى حكمي كما أن الحكيم قد يقصد معنى فيوافقه وزن شعري، لكن الحكيم بسبب ذلك الوزن لا يصير شاعراً والشاعر بسبب ذلك الذكر يصير حكيماً حيث سمي النبي ﷺ شعره حكمة، ونفى الله كون النبي شاعراً، وذلك لأن اللفظ قالب المعنى والمعنى : قلب اللفظ وروحه فإذا وجد القلب لا نظر إلى القالب، وفيكون الحكيم الموزون كلامه حكيماً، ولا يخرجه عن الحكمة وزن كلامه، والشاعر الموعظ كلامه حكيماً.
لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ (٧٠)
قريء بالتاء والياء، بالتاء خطاباً مع النبي ﷺ وبالياء على وجهين أحدهما : أن يكون المنذر هو النبي ﷺ حيث سبق ذكره في قوله :﴿وَمَا علمناه﴾ [ يس : ٦٩ ] وقوله :﴿وَمَا يَنبَغِى لَهُ﴾ [ يس : ٦٩ ].


الصفحة التالية
Icon