وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ أَوَلَمْ يَرَ الإنسان ﴾
قال ابن عباس : الإنسان هو عبد الله بن أُبَيّ.
وقال سعيد بن جبير : هو العاص بن وائل السَّهْمي.
وقال الحسن : هو أُبَيّ بن خلف الجُمَحي.
وقاله ابن إسحاق، ورواه ابن وهب عن مالك.
﴿ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ ﴾ وهو اليسير من الماء ؛ نطف إذا قطر.
﴿ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مٌّبِينٌ ﴾ أي مجادل في الخصومة مبين للحجة.
يريد بذلك أنه صار بعد أن لم يكن شيئاً مذكوراً خصيماً مبيناً.
وذلك أنه أتى النبي ﷺ بعظم حائل فقال : يا محمد أترى أن الله يحيي هذا بعد ما رَم فقال النبي ﷺ :" نعم ويبعثك الله ويدخلك النار " فنزلت هذه الآية.
قوله تعالى :﴿ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحيِي العظام وَهِيَ رَمِيمٌ ﴾ فيه مسألتان :
الأولى : قوله تعالى :﴿ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ ﴾ أي ونسي أنا أنشأناه من نطفة ميتة فركبنا فيه الحياة.
أي جوابه من نفسه حاضر ؛ ولهذا قال عليه السلام :" نعم ويبعثك الله ويدخلك النار " ففي هذا دليل على صحة القياس ؛ لأن الله جل وعز احتج على منكري البعث بالنشأة الأولى.
﴿ قَالَ مَن يُحيِي العظام وَهِيَ رَمِيمٌ ﴾ أي بالية.
رَمَّ العظمُ فهو رَميمٌ ورِمَام.
وإنما قال رميم ولم يقل رميمة ؛ لأنها معدولة عن فاعلة، وما كان معدولاً عن وجهه ووزنه كان مصروفاً عن إعرابه ؛ كقوله :﴿ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً ﴾ [ مريم : ٢٨ ] أسقط الهاء ؛ لأنها مصروفة عن باغية.
وقيل : إن هذا الكافر قال للنبي ﷺ : أرأيت إن سحقتها وأذريتها في الريح أيعيدها الله! فنزلت :﴿ قُلْ يُحْيِيهَا الذي أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴾ أي من غير شيء فهو قادر على إعادتها في النشأة الثانية من شيء وهو عَجْم الذَّنَب.
ويقال عَجْبُ الذَّنَب بالباء.


الصفحة التالية