كفى بالإسلام والشيب للمرء ناهيا. فقال أبو بكر رضي اللّه عنه : يا نبي اللّه، إنما قال الشاعر : كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا. أشهد أنك رسول اللّه (وما علمناه الشعر وما ينبغي له). وسئلت السيدة عائشة رضي اللّه تعالى عنها هل كان النبي (صلّى اللّه عليه وسلم) يتمثل الشي ء من الشعر؟ قالت : كان الشعر أبغض الحديث إليه، ولم يتمثل إلا ببيت أخي بني قيس طرفة :
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا ويأتيك بالأخبار من لم تزودّ
فجعل يقول : ويأتيك من لم تزود بالأخبار، فقال أبو بكر رضي اللّه عنه : ليس هكذا يا رسول اللّه، فقال : إني لست بشاعر ولا ينبغي لي. لكنه قد صح من حديث جندب بن عبد اللّه، الذي رواه البخاري ومسلم، أن النبي (صلّى اللّه عليه وسلم) أصابه حجر فدميت أصبعه فقال :
هل أنت إلا أصبع دميت وفي سبيل اللّه ما لقيت
وكان يقول في حنين :
أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب
لكن مجي ء مثل هذا الكلام على لسانه (صلّى اللّه عليه وسلم) كان من غير صنعة وتكلف، وقد اتفق له كذلك من غير قصد إليه، وإن جاء موزونا، كما يحدث في كثير من كلام الناس في خطبهم ورسائلهم ومحاوراتهم كلام موزون يدخل في وزن البحور، ومع ذلك فإن الخليل لم يعد المشطور من الرجز شعرا، علما بأن هذا القليل النادر لا يقاس عليه، وجميع أحاديث النبي (صلّى اللّه عليه وسلم) لم يكن فيها شي ء من الشعر.
حكم الشعر في الإسلام :
الإسلام لم يحارب الشعر، وكان (صلّى اللّه عليه وسلم) يحث حسان رضي اللّه عنه ويقول له :


الصفحة التالية
Icon