والإيجاد والإحياء وإعطاء العقل والآلة والمقصود من كل ذلك اشتغالك بالطاعة والخدمة والعبودية على ما قال :﴿وَمَا خَلَقْتُ الجن والإنس إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات : ٥٦] ونزه نفسه عن أن يكون هذا الخلق والإيجاد منه على سبيل العبث فقال :﴿وَمَا خَلَقْنَا السماء والأرض وَمَا بَيْنَهَا لاَعِبِينَ﴾ [الأنبياء : ١٦] ﴿مَا خلقناهما إِلاَّ بالحق﴾ [الدخان : ٣٩] وقال أيضاً :﴿وَمَا خَلَقْنَا السماء والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا باطلا ذلك ظَنُّ الذين كَفَرُواْ﴾ [ص : ٢٧] وقال :﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خلقناكم عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ﴾ [
المؤمنون : ١١٥] ثم بين على سبيل التفصيل ما هو الحكمة في الخلق والإيجاد فقال :﴿وَمَا خَلَقْتُ الجن والإنس إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ﴾ فهو سبحانه وفى بعهد الربوبية حيث خلقك وأحياك وأنعم عليك بوجوه النعم وجعلك عاقلاً مميزاً فإذا لم تشتغل بخدمته وطاعته وعبوديته فقد نقضت عهد عبوديتك مع أن الله تعالى وفى بعهد ربوبيته. وثانيها : أن عهد الربوبية يقتضي إعطاء التوفيق والهداية وعهد العبودية منك يقتضي الجد والاجتهاد في العمل، ثم إنه وفى بعهد الربوبية فإنه ما ترك ذرة من الذرات إلا وجعلها هادية لك إلى سبيل الحق


الصفحة التالية
Icon